تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الكبيسي: ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الحُزْن الماضي وهو حُزْن ومن القادم وهو همّ ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم (إن من الذنوب ذنوباً لا يغفرها إلا الهمُّ للعيال) واحد عنده أولاد يحمل همهم في المستقبل بمعيشتهم دراستهم تربيتهم أخلاقهم زواجهم مصلحتهم غيابهم سفرهم وكل واحد عنده أولاد همه مستقبلهم، هذا همّ لماذا؟ لأنه سيأتي، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم (إن من الذنوب ذنوباً لا يغفرها إلا الهمّ) لما تهتم بشيء مستقبلي قطعاً هذا يسبب لك أرقاً بشكل هائل لكن على شيء مستقبلي. والهمّ مقرون بخوف والماضي لا، أنت عرفت الذي حصل فقط حُزْن، ضيق صدر فقط بدون خوف لأنه هو انتهى وقع يعني ضاع يوسف ضاع وانتهينا ذهب الخوف لكن بقي الهمّ بقي ضيق الصدر، هذا الهمّ.

الغمّ المميت أنت في حالة ستموت واحد محكوم بالإعدام وأنتم تعرفون أن كل دول العالم لما واحد يحكم عليه بالإعدام لا ينفذونه بسرعة أحياناً يبقى شهر شهرين أحياناً سنة سنتين ثلاثة أربع لعله يحدث شيء يخف بعده الحكم إلى أشغال شاقة أو سجن أو براءة, في الحالات التي لا يُعفى عنه وينتظر تنفيذ حكم الإعدام ضيق الصدر الذي فيه لا يشبه ضيق لأن هذا يائس من الحياة هذا لا (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) الأنبياء) هو سيموت، واحد ابتلعه الحوت ودخل به البحر يعني ما في فرصة أنه يحيى ولا يعيش منتهي ميت ميت. ولهذا أهل أُحُد لما انهزموا هزيمة نكراء قال (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا (154) آل عمران) كانوا سيموتون ويقتلون. إذاً فالهمّ على شيء مستقبل، والغمّ على شيء أنت يأست الحياة أن الهلاك قادم حيثما وجدت كلمة غم في القرآن الكريم يعني أنت ميت لا محالة فإذا نجوت فهذا من إعجاز الله عز وجل وقال (وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) بقوله (أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) وهذه كما قال جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه (عجبت لمن أصابه الغمّ ثم لا يقول لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين وقد قال الله بعدها (وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ)، وعجبت لمن أصابه مكرٌ كيف يذهل عن قوله تعالى (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) غافر) لأن الله وراءها يقول (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا (45) غافر) مكر سحر مؤامرة زور، ومن أصابه شر كيف يذهل عن قوله تعالى (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) لأن الله تعالى وراءها يقول (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) آل عمران). إذاً لا إله إلا أنت سبحانك تنجيك من ضيق الصدر المهلك اللي تكون أنت هالك غرق تهت في دولة تهت في الصحراء وحصل هذا، عطشان ستموت وضائع في الصحراء والتاريخ يحدثنا كم من الذين وقعوا في المُهلكات فرددوا هذه الآية فأنجاهم الله عز وجل كما أنجى سيدنا ذا النون ولهذا الله قال وراءها (وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ). يعني لولا هذا المقطع من الآية قلنا هذا خاص بالنبي خاص بذا النون ولكن قال لك لا (وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ). إذاً هذا هو الحُزْن على ما مضى، الهمّ على ما سيأتي، الغمّ الحُزْن المُهلِك. أما الحَزَن هو ليس مهلكاً لكنه دائم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير