[تذوق بلاغة آية من آيات الله تعالى.]
ـ[السراج]ــــــــ[06 Jul 2010, 08:23 م]ـ
هذه آية من آيات الله - تعالى وتقدس- المختارة المبهرة في خلق الأنهار والبحار وجعل العذوبة والملوحة فيها وجريان السفن عليها، التي تذوقتها واستوقفتني من خلال الأساليب البلاغية الرائعة والبيان العجيب معاني لم نكن من قبل نحسُّ ونشعر بها أو نتذوقها لتأخذ باللباب، كيف لا وهو آيات كتاب الله الذكرالحكيم والصراط المستقيم والسراج المنير الذي لا تزيغ به الأهواء ولا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه ولا يُسأم ويخلق عن كثرة الرد، فهو كما قال الشاطبي: " وترداده يزداد فيه تجملاً ".
ومن هذه الآيات العظيمة التي تذوقتها ما قاله الله تعالى في سورة النحل: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (14) سورة النحل
فاستخرجت بعض الصور البلاغية فيها بإيجاز منها:
- استعارة في قوله تعالى: "وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ"، فجعله تعالى كالحيوان المسخر للإنسان.
- مجاز عقلي، حيث قال تعالى: "لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ" فالأكل من الحيوانات والأحياء البحرية.
- أيضاًُ إيجاز فاستغنى بـ" مِنْهُ " عن ذكر أسمائه وحيتانه وأحياءه.
- أيضاً الكناية، حيث كنى سبحانه عن الحيتان والأسماك باللحم الطري.
- وأيضاً فيه العنوان، وهو لفت الانتباه للعلوم التجريبية الدنيوية وهي هنا صناعة الحلي للتزين بها.
- الكناية أيضاً في: " حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا " بدل اللؤلؤ والمرجان.
- الالتفات، من أفعال (لتأكلوا .. وتستخرجوا .. تلبسونها .. وترى .. ).
- كناية وإيجاز، في: " وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ " أي: كناية عن طلب الكسب والرزق فيه من صيد الأسماك والحيتان وغيرها من الأحياء البحرية، وتستخرجوا منه اللؤلؤ والمرجان وغير ذلك.
فما أجمل تمعن وتدبر بلاغة الآيات القرآنية فهي تورث الحلاوة والذوق القرآني المجيد.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[06 Jul 2010, 10:43 م]ـ
أخي الحبيب ... ليتك تبين لنا الفرق بين المصطلحات الآتية (الاستعارة، الكناية، المجاز العقلي)؟ فإذا عرَّفْتها عرفنا هل هي موجودة في الآية أم لا.
ثم إن من المصطلحات البلاغية الأخرى (المجاز اللغوي، المجاز المرسل) فليتك تبين لنا الفرق بينها وبين ما ذكرته من مصطلحات لأن لها تعلقاًشديداً بما ذكرته من استنباطات.
أما مصطح (العنوان) فقد عرفه ابن أبي الأصبع - ولم أطلع عليه إلا قبل قليل - ولا أظن أن ما ذكرته من الآية ينطبق عليه فليتك توضح وجه استنباطك له من الآية؟ فعبارة (لفت الانتباه إلى العلوم التجريبية) عبارة فضفاضة لا أظن أنها تنطبق على الآية.
أما الالتفات فليتك تبين موضعه بدقة ونكتَتَهُ العامة والخاصة - إن وجدت -، وإلا فإن النص على وجود الالتفات ليس هو موضع نظر البلاغي كما لا يخفى، وكذاك يقال في الاستعارة والكناية والمجاز العقلي التي قلت إنها موجودة في الآية.
وأخيراً علينا أن نتأنى كثيراً قبل أن نستنبط شيئاً من الكتاب العزيز.
ـ[السراج]ــــــــ[07 Jul 2010, 12:56 ص]ـ
أخي الكريم أجيبك على حسب علمي القاصر، وإن ظهر خطأ وزلل فأصلحه، فأقول مستعيناً بالله:
المجاز اللغوي: هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي.
المجاز المرسل: كلمة استعملت في غير معناها الأصلي لعلاقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي.
العنوان: هو أن يذكر في الكلام ألفاظاً تكون مفاتيح لعلوم ومداخل لها، وهو أيضاً أن يشفع كلامه بأمثلة توضيحية.
والالتفات كما هو معلوم: هو نقل الكلام إلى أسلوب آخر، فيكون جارياً بأسلوب الخطاب فينقل إلى الغيبة أو المتكلم أو العكس.
وتأمل استخراجي جيداً، والله أعلم ..
ـ[السراج]ــــــــ[07 Jul 2010, 01:11 ص]ـ
وهذا مثال آخر فيه منتهى تذوق الجمال البلاغي القرآني، قول الله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (12) سورة فصلت
فيها ما يلي:
- الالتفات حيث انتقل من ضمير الغائب (فقضاهن) إلى ضمير المتكلم (وزينَّا).
- الاستعارة، حيث استعار كلمة مصابيح للنجوم.
- وفيها من البيان القرآني الجمع، وقد جمع بين الزينة التي هي في المصابيح والحفظ الذي هو لرجم الشياطين منعاً لاستراق السمع.
- الفاصلة ومجيئها (ذلك تقدير العزيز العليم) لتمكين المعنى، فالعزة والقوة: للبناء والتزيين، والعلم: بحال عددها ومدة خلقها وأمر حفظها.
¥