تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تناسب كلمات آية الكرسي]

ـ[نزار حمادي]ــــــــ[04 Jul 2010, 01:57 م]ـ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين

وبعد؛ فإن علم تناسب سور وآيات وكلمات القرآن العظيم ومن أجل العلوم شأنا وأعظمها قدرا؛ إذ من خلاله يتبين أكثر فأكثر حسن تناسق وترابط هذا النص الوحيي والكلام الرباني وخروجه بالكلية عن الكلام البشري، وقد زادت عناية العلماء المتأخرين بهذا العلم الجليل بما فتح الله تعالى عليهم من خزائن علمه التي لا حد لها، فوجهوا أنظارهم إلى استنباط وجوه التناسب بين كلمات وآيات القرآن العظيم، فأحببت أن أقلدهم ـ وإن لم أساوي حثالة تراب أقدامهم ـ واقتفي أثرهم، وعزمت على استقراء جملة من التفاسير المخطوطة والمطبوعة واصطفاء المناسبات وسبكها مع الكلمات القرآنية لنفع نفسي ثم من شاء الله من بعدي، والمشروع يتضمن تتبع كل المناسبات في جميع السور والآيات بحسب تيسير الله تعالى وتوفيقه، لكني هنا أعرض ما استخرجته من وجوه التناسب في سيدة آي القرآن وأعظمها، وبالله تعالى التوفيق.

تَنَاسُبُ كَلِمَاتِ

آيَةِ الكُرْسِيِّ

جمعه من التفاسير الفقير إلى ربه الهادي

نزار بن علي حمادي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيم

لَمَّا جرت عادته عز وجل في كريم النظم بذكر عِلْمِ التوحيد وهو المقصود الأعظم، وعلم الأحكام ليُتوَسَّل به إلى صالح العمل، وعلم القصص للمبالغة في إلزام الأحكام والتكاليف وتقرير دلائل التوحيد، وكانت هذه الطريقة أحسن الطرق وأكملها وأقومها؛ لأن الاستمرار على نوع واحد يفضي إلى الملالة، فذكر عز وجل جملة من عِلْم الأحكام والقصص، وأمر بالإنفاق قبل إتيان اليوم الموعود الذي لا تنفع فيه خلة ولا شفاعة، التفتت النفس إلى معرفة من هو المالك لذلك اليوم الخالي عن نفع شفاعة فيه إلا بإذنه، فذكر عز وجل آية الكرسي سيدة آي القرآن التي ما اشتمل القرآن على مثلها، مفتتحا لها بالاسم العَلَم الفرد الجامع لصفات الجلال والإكرام، فقال عز وجل: ???الذي هو الملك الحقّ في ذلك اليوم، لا ملك غيره حقيقةً ولا حكمًا.

وَلَمَّا ميّز ذاته بالاسم العلَم تخصيصًا، وعرّف عبادَه بعنوانه تنصيصًا، أثبت له عز وجل صفات الكمال، منزَّها عن شوائب النقص، مفتتحًا لها بالتفرد والتنزه والتوحد، فقال: ?? ? ہ ہ? مقرِّرا لكمال التوحيد؛ فإنه المقصود الأعظم من جميع الشرائع.

وَلَمَّا أثبت عز وجل توحيد ذاته المقدَّسة، أثبت استحقاقَه لذلك لحياتِه، إشارة إلى نفي إلهية الأصنام والكواكب وغيرها، فقال عز وجل: ?ہ?ومعناه الباقي أبدًا، كما هو القديمُ أزَلا، الدائمُ وجودُه، الذي لا سبيل عليه بوجهٍ ولا طريق إليه بحال للموتِ المُذْهِب للحياة والمُقتَضِي للعدَم، ولا هو عز وجل قابل لعروض الفناء والزوال؛ لاستحالة ذلك عليه عقلا؛ إذ لو أمكن أن يلحقه العدَمُ لانْتَفى عنه القِدَمُ، والقدمُ واجِبٌ له، فاستحال منافيه؛ لأنّ ما ثبت قِدَمُه استحال عدمهُ.

وَلَمَّا أثبت عز وجل الحياة لذاته، ترقى لوصف القيومية فقال عز وجل: ? ہھ? ومعناه القائم بذاته، المُستَغْنِي عن المَحلِّ والمخصِّصِ، المقيمُ لغيره بما يُصلِحُه ويَحفَظُ عليه أحوالَه اللائقة به وأعرِاضه المُمدَّة له في جميع آنات وجودِه، فقيامه بذاته عز وجل مستلزم لجميع الكمالات والتنزهِ عن سائر وجوه النقص، وتقويمُه لغيره يتضمَّنُ جميع الصفات الفعلية، وافتقارَ كل ما سواه إليه عز وجل، فمن ثم قيل: إنه الاسم الأعظم.

ولَمَّا وصف الحقُّ عز وجل نفسَه القدسية بحياته الأزلية المتعالي بها عن الموت الأكبر، وقيوميته السرمدية المتعالي بها عن العجز والافتقار، عقب ذلك بتنزيهها عن الغفلة بنفي سببها النومي الذي هو الموت الأصغر، فقال عز وجل: ? ھ ھ? بوَجْهٍ ولا تنالُه بحالٍ? ھ?وهو ما يتقدم النومَ ويَسبِقُه من الفتور المقتضي رخوًا في البدن وغيبةً ما للمشاعر، ? ے ے?وهو الحالة العرَضية الفتورية التي تعرض للحيوان العاقل وغيره المقتضية له توقُّفَ مشاعره الإدراكية الظاهرة ـ كالسمع والبصر ـ عن الإحساس وتعطلَّها بالكلية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير