تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[جولة في كتاب (منهج النقد في التفسير) للدكتور إحسان الأمين]

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Jul 2010, 09:25 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

النَّقدُ في اللغة: فنُّ تَمييزِ جيدِ الكلام من رديئهِ، وصحيحهِ من فاسده، والأصلُ فيه مِنْ (نَقَدَ الدراهمَ والدنانيرَ وغيرَهما نَقْداً: مَيَّزَ جيدَها مِن رديئها. وفي الاصطلاح يعرف النقد بتعريفين:

- أحدهما الحكم ويراد به الحكم على الأشياء بالحسن أو الرداءة، أو الجمال أو القبح.

- والآخر التفسير أو التحليل، فالنقد بذلك يتجه إلى تحليل وتجزئة النص لإدراك أبعاده وبلوغ أعماقه.

وقد ارتبط النقد وجوداً وعدماً بوجود الإنسان وظهور فكره، فالإنسان ناقد بالطبع كما يقول علي جواد الطاهر في بحثه (مقدمة في النقد الأدبي). وذلك لأن الإنسان قد أوتي من المؤهلات الذهنية والنفسية ما جعله يرتاح للحسن وينقبض عن القبيح، ولذلك فإن النقد في حياة الإنسان يسير جنباً إلى جنب مع فكره وثقافته ويتحرك في روحه، هذا إذا لم نقل إن فكر الإنسان في أصله كان نقداً؛ لأنه يتحسس به جمال الوجود فيبين حسنه، ويعبر به عن نفرته من كثير من الأمور والسلوكيات والأفكار، وذلك هو النقد ذاته ..

ولأنَّ الفكر البشري عرضة للخطأ والنقص والسهو كان النقد واجباً ضرورياً لا بد منه لتقويم الاعوجاج، وتصويب الخطأ، والتدرج في مدارج الكمال يوماً بعد يوم. وقد أصيب العقل العربي المعاصر بسبب غياب النقد البنَّاء بالكسل الفكري، ولا سيما في جوانب العلوم الشرعية، حيث إن النقد يبعث الكسلان، ويستثير الخامل، ويدفع المُجِدَّ إلى الكمال، ولا يزال به النقد الهادف حتى يأخذ بيده للتميز والإبداع خطوة خطوة.

وقد كنتُ أثناء إعدادي لحلقات برنامج إذاعي أرغب في تقديمه لإذاعة القرآن بالكريم بالرياض بعنوان (مفسرون ناقدون) بدعوة من أخي فهد العثمان رحمه الله، وبعد أن أعددتُ شيئاً من الحلقات وكان يستحثني على تسجيلها فوجئت بخبر وفاته رحمه الله، فتوقفتُ عن إكماله، ولم أنشط بعدها لتسجيله كنتُ أجمع وأتتبع المصادر التي تتحدث عن النقد في التفسير، فعثرت أثناء سفري خارج السعودية على كتاب قيم في هذا الموضوع بعنوان (منهج النقد في التفسير) للدكتور إحسان الأمين، نشرته دار الهادي ببيروت عام 1428هـ.

ويقع الكتاب في مجلد كبير بلغت صفحاته 464 صفحة من القطع العادي.

http://www.tafsir.net/images/nagd2.jpg

وهذه الدراسة هي محاولة لاستقراء منهج النقد في التفسير أي الطريقة البينة والخطة المتبعة في نقد ما يرد من تفاسير مختلفة ببيان نقاط القوة والضعف، والصحة والخطأ فيها، بغية الاقتراب من المعنى المراد من الآيات.

وطبيعي أن نقد التفسير يتضمن كلا المعنيين الآنفين للنقد، فهو يبدأ بتحليل النص المفسَّر لغرض فهم الدليل الذي استند إليه، ثم يَخلُصُ إلى الحكم عليه، استناداً إلى المبادئ والأسس المعتمدة في التفسير، ومدى التزام التفسير بها أو خروجه عليها.

وعلى الرغم من تعدد وتنوع اتجاهات المفسرين، وغلبة لون خاص على تفاسير بعضهم، فمنها الأثري والبياني وغيرها من التفاسير التي عنيت بجانب الأحكام أو اللغة أو التربية أو غيرها، إلا أن في هذه جميعاً مساحة مشتركة لمنهج النقد، إذ لا بد أن يكون التفسير مما تحتمله الآية، قراءة ولغة ومعنى، وأن يكون منسجماً مع القرآن، بسياقاته وقواعده وأصوله.

ولذا فإن الباحث الدكتور إحسان الأمين قد سعى في بحثه هذا إلى تشخيص الأسس التي يقوم عليها النقد في المجالات المختلفة المتعلقة بالتفسير من لغة وقراءة وفهم وبيان، وبالرجوع إلى نفس القرآن والقواعد الجارية فيه، وكذلك السنة النبوية التي تكفلت ببيان القرآن، وعلوم الحديث التي تعنى بحفظ السنة وسلامتها، وكذلك المباحث العقدية التي يقوم عليها علم الاعتقاد، وقد تناوله الباحث في خمسة فصول من كتابه هذا.

غير أنه قدَّم قبل هذه الفصول بدراسة أمرين:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير