[هل المتشابه اللفظي في القرآن الكريم للتفنن فقط .. ؟!: (مدارسة لرأي ابن عاشور والألوسي)]
ـ[لطيفة]ــــــــ[11 Jun 2010, 03:15 م]ـ
كنت أبحث في المتشابه اللفظي في قول الله عزوجل سورة البقرة: (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين)
وقوله في سورة الأعراف: (وإذا قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيئاتكم وسنزيد المحسنين) ..
وتحديدا في الغرض من مجئ (خطيئاتكم) بهذه الصيغة في سورة الأعراف .. و (خطاياكم) في سورة البقرة
فوجدت الألوسي وابن عاشور يذكران أن الغرض هو التفنن في الكلام ..
فتوقفت عند هذه المسألة خاصةً أنني وجدت المفسرين والباحثين في المتشابه اللفظي يذكرون أوجهًا وجيهة لذلك
في حين أن العالمين الفاضلين يفردون التفنن بالذكر وكأن ذلك نفيًا لوجود أي غرض آخر سواه
فهل يمكن أن يكون التفنن غرضا بلاغيا .. وهل يصح أن يكون هو الغرض الوحيد من المتشابه اللفظي .. ؟!
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[11 Jun 2010, 06:41 م]ـ
ليس التفنن هو الغرض البلاغي الوحيد عند الألوسي وابن عاشور لكنه من ضمن الأغراض، والدليل على ذلك أنهما وجَّها آيات كثيرة دون ذكر للتفنن، والألوسي من كبار الموجهين للمتشابه اللفظي، وبادي الرأي - والمسألة تحتاج إلى دراسة مستقلة -أقول: لعلهما ذكرا التفنن في بعض المواضع هروباً مما قد يقع من التكلف في توجيه المتشابه اللفظي، وهذا قريب مما يصنعه ابن عاشور في آيات أخرى حين يقول إن التقديم والتأخير لمراعاة الفاصلة ولا يذكر غرضاً بلاغياً آخر، وغيرُه - وخاصة من المعاصرين- يرفض أن تكون مراعاة الفاصلة غرضا بلاغياً مستقلاً وقد يتكلف في ذكر غرض بلاغي غير الفاصلة؛ فكأن ابن عاشور يبتعد عن التكلف فيكتفي بالقول إن التقديم لمراعاة الفاصلة، والله أعلم.
ويبقى السؤال هل التفنن غرض بلاغي؟ الذي يبدو أنه غرض بلاغي لأن تكرار الكلام بنفس الطريقة قد يسبب مللاً فإذا قلت - مثلاً -: (قال النبي ... قال من لا ينطق عن الهوى ... قال الهاشمي القرشي) صلى الله عليه وسلم فلا شك أن هذا ألطف وأبلغ لأنه أبعد عن الملل، وإن كان المتصور في الكلام البليغ أن يكون هذا التفنن لغرض معنوي أيضاً لكن قد يخفى علينا فنقول بالتفنن حتى لا نقع في التكلف، والله أعلم، وجزى الله خيراً من أتى بفائدة زائدة
ـ[عبدالكريم عزيز]ــــــــ[11 Jun 2010, 11:53 م]ـ
يقول الشعراوي في خواطره:
{وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ ?سْكُنُواْ هَـ?ذِهِ ?لْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَ?دْخُلُواْ ?لْبَابَ سُجَّداً نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِي?ئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ ?لْمُحْسِنِينَ ( http://javascript:Open_Menu()) }
" وهذه القصة مذكورة أيضاً في سورة البقرة، ونعرف أن قوله سبحانه: {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ}، ولم يذكر الحق من القائل؛ لأن طبيعة الأمر في الأسباط أنه سبحانه جعل لكل سبط منهم عيناً يشرب منها، وكل سبط له نقيب، وهذا دليل على أنهم لا يأتلفون؛ فلا يكون القول من واحد إلى الجميع، بل يصدر القول من المشرع الأعلى وهو الحق إلى الرسول، والرسول يقول للنقباء، والنقباء يقولون للناس.
وبعد أن تلقى موسى القول أبلغه للنقباء، والنقباء قالوه للأسباط، وفي آية أخرى قال الحق: {وَإِذْ قُلْنَا}. وهذا القول الأول وضعنا أمام لقطة توضح أن المصدر الأصيل في القول هو الله، ولأنهم أسباط ولكل سبط مشرب؛ لذلك يوضح هنا أنه أوحى لموسى. وساعة ما تسمع " وإذ " فاعلم أن المراد اذكر حين قيل لهم اسكنوا هذه القرية، لقد قيل إن هذه القرية هي بيت المقدس أو أريحا، لكنهم قالوا: لن ندخلها أبداً لأن فيها قوماً جبارين وأضافوا: { ... فَ?ذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا? إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24]
والحق لا يبين لنا القرية في هذه الآية؛ لأن هذا أمر غير مهم، بل جاء بالمسألة المهمة التي لها وزنها وخطرها وهي تنفيذ الأمر على أي مكان يكون: {?سْكُنُواْ هَـ?ذِهِ ?لْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا}.
¥