تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تفسير سورة المنافقون]

ـ[نزار حمادي]ــــــــ[03 Jul 2010, 12:07 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة المنافقون

سيمت هذه السورة «سورة المنافقون» لأنه ذكر فيها من كلماتهم ما جمعوا فيه بين الصدق والكذب، كما أنهم جمعوا بين الإيمان الظاهر والكفر الباطن، وذكر فيها من كلماتهم الشنيعة ما لم يذكر في غيرها.

والنفاق: إظهار الإيمان باللسان، وكتمان الكفر بالقلب. والمنافق: هو الذي يُضمِرُ الكفرَ اعتقادًا، ويُظهِر الإيمانَ قولًا.

يا أيها الرسول ?ک ک? وحضر مجلسك ? گ? العريقون في وصف النفاق بإسلامٍ ظاهرٍ وكفرٍ باطنٍ ?گ? مخاطبين لك زاعمين كمال عنايتهم بك ترويجًا لنفاقهم: ? گ گ ? ?? ? المبعوث إلينا، مؤكدين كلامهم بـ «إنّ» و «اللام» الداخلة في خبرها ليوهموا أن شهادتهم هذه صادرة منهم عن اعتقاد راسخ بصدقك ورغبة وافرة في اتباعك.

ولما كانت الشهادة هي الإخبار عن علم اليقين لأنها من الشهود الذي هو كمال الحضور وتمام الاطلاع، والمنافقون أفهموا بقولهم (گ گ ? ?) شهادةً واطأت فيها قلوبُهم ألسنتَهم، صدّق الله المشهودَ به وهو قولهم (گ ? ?) لأنه خبرٌ مطابق للواقع، وكذبهم في شهادتهم ودعواهم مواطأة ألسنتهم قلوبهم، فقال عز وجل: ?? ?? وعِلمُه هو العلمُ في الحقيقة ? ? ? ? مؤكدًا بـ «إنّ» و «اللام» ردًّا لإنكار المنافقين رسالتَه ? وإعلامًا بمزيد حقيتها، شَهِدَ المنافقون بذلك أمْ لا،??? المحيط بكل شيء علما? ں ? بما يعلمه من حال المنافقين شهادةً هي الشهادة في الحقيقة لإحاطتها بدقائق الظاهر والباطن ?ں ?? الراسخين في وصف النفاق???? في إخبارهم عن أنفسهم بأنهم يشهدون بذلك من صميم القلب وخلوص الاعتقاد.

ولما دار معنى ما سبق على أنهم لم يعتقدوا حقية ما شهدوا به، والتفتت النفسُ إلى عِلْمِ السبب الحامل لهم على ذلك الكلام المؤكد والكذب السمج، علَّلُه عز وجل بأنهم ?? ? ? الفاجرة ??? ووقايةً وصَوْنا من مؤاخذة النبي ? وصحبه لهم بالقتل لرجالهم والسبي لعيالهم والأخذ لأموالهم وغير ذلك من المكاره الدنيوية، ?ہ ہ ہ ہھ ? وطريقه الذي شرعه لعباده ليصلوا به إلى محل رضوانه، فمنعوا من أراد من الناس الدخول في الإسلام بذِكْر مثالب فيه وتنقيصاتٍ له لينفروهم عنه، وصدوا أيضا من أراد الإنفاق لمالِه في سبيل الله ووجوهِ الخير الموصلة إلى نيل رضوانه عز وجل بالنهي عنه والتحذير من الصرف، كما سيخبر عنهم فيما بعد بقوله تعالى: (? ? ? ? ? ? چ چ چ چ).

ولما بلغ ما أخبر به الله عز وجل من حال المنافقين غاية الشناعة ونهاية الفضاعة، أنتج عنه ?ھ ھ ھ ے ے ?? من الجرأة على رسول الله ? وخُلَّص العباد بارتكاب النفاق والصدِّ عن سبيل الحق والإعراض عنه والاستمرار على النفاق وفاجر الأيمان.

ولما قضت المعاصي بطمس البصائر وإظلام السرائر، فكيف بأعظمها وهو النفاق، علله بقوله: ??? الأمر العظيم من البُعد عن الخير والتناهي في الشر??? أي بسبب أنهم??? في الظاهر الإيمان اللساني لا القلبي، فنطقوا لسانًا بكلمة الشهادة لله بالوحدانية ولنبيّه ?بالرسالة لتحصين دمائهم وأموالهم، ? ?? في نفس الوقت? ?? في الباطن باعتقاد خلاف الحقّ، واستمروا عليه حتى تمرنوا على الكفر وصار معتادًا لهم وطبعًا من طباعهم، ?? ? ?? بما احتوته من أكبر الكبائر نفاقًا?? ? ? ?? حقيقة الإيمان ولا يعرفون صحته ولا يهتدون إلى إخلاصه.

ولما وصف الحق سبحانه بواطنهم بما زهّد فيهم، حذّر من الاغترار بأشكالهم التي تسر الناظر إليها، فقال عز وجل: ??? ?? الرؤية البصرية ?? ??? لاستواء خَلْقِها وحُسْن صورتها وطولِ قامتها، ?? ? ? ?? ? لفصاحتهم وحلاوة كلامهم وعذوبة منطقهم.

وقد كان عبد الله بن أبيّ بن سلول الذي نزلت السورة بسببه وسيما منظرُه، فصيحا منطقه، جسيما هيكله، صبيحًا خده، منطلق اللسان، يحضر في بعض الأحيان مجلس رسول الله ? مع الناس ويتصدر ويتكلم مفصحا عن كل ما يريده على عادته في ترويج نفاقه.

??? أي المنافقين في حسن ظواهرهم وسوء بواطنهم ??? جافة مقطوعة من منابتها، تبدو في ظاهرها صالحة للبناء أو غيره، لكنها في الحقيقة خالية عن كل نفع لفساد جوفها، ? ?? ? إلى الجدران لعدم صلاحها لشيء من الأشياء، فشُبِّهوا بتلك الخشب بجامع صلاح الظاهر وفساد وخبث الباطن.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير