تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[(التجديد في التفسير حاجة ضرورية) محمد البويسفي]

ـ[المستصفى]ــــــــ[03 Jul 2010, 08:50 ص]ـ

(التجديد في التفسير حاجة ضرورية) بقلم محمد البويسفي

12 - 7 - 2008

المسلمون اليوم يجدون أنفسهم أحوج ما يكونون للعودة إلى القرآن الكريم قراءة وتدبرا واستنباطا، من أجل استئناف السير الحضاري, وتقويم ما ظهر من اعوجاج وتحريف في الفهم والسلوك، باعتبارالقرآن الكريم مصدرا مرجعيا في التشريع والمعرفة والأخلاق, وقد صار التجديد في الدين أمرا ضروريا، بل إنه يفرض نفسه بإلحاح، وإن أي تجديد لابد أن يتوجه إلى تجديد الفهم قبل أي شيء آخر، و أمراض الأمة الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية التي ظهرت في الأمة ما هي في الحقيقة إلا أعراضا في فهم الدين، وخاصة في فهم نصوص الشريعة قرآنا وسنة.

فلابد من مراجعة شاملة ونقد الذات نقدا منهجيا جريئا للوقوف على مواطن الخلل في العقل الإسلامي, الذي صار لاينتج فما بالك أن يرسل، وأغلق باب الاجتهاد واكتفى بالتقليد.

و كتاب الله تعالى -كما قرره الأصوليون- قطعي الثبوت ظني الدلالة، و ظنية الدلالة هذه مرجعها طبيعة القرآن المعجز، ذلك أن منه الواضح أو البيّن -كما قال الطوفي في الإكسير- الذي تفهمه العرب من لغتها لبيانه ووضوحه, فهذا لا حاجة له إلى تفسير, و من القرآن ما هو غير واضح, إما لاشتراك أو غرابة أو ظهور تشبيه, و هذا القسم هو المحتاج إلى التفسير و البيان.

الأول: أنزله الله تعالى ليتعبد عامة الناس بتطبيقه لوضوحه و بيانه، و الثاني: أنزله الله لحكم متعددة منها ليتعبد العلماء بالاجتهاد فيه, و الاستنباط منه، لذلك أثنى الله على العلماء من عباده، و ليتعبد عامة الناس بتقليد العلماء فيما قرروه فيه (1).

وقد بذل العلماء غاية جهدهم في فهم كتاب الله تعالى، و توجيه الفهم و حمايته من التحريف, وأخطر تحريف هو تحريف الفهم و التلاعب به, أما تحريف النص القرآني، فهذا مستحيل لتكفل الله تعالى بحفظ كتابه, قال تعالى: "إنّا نحن نزلنا الذكر و إنّا له لحافظون" سورة الحجر 9.

والذي يدفع إلى تحريف الفهم و التأويل الفاسد, هو موقع النص القرآني في أمة الإسلام بكل طوائفها و مذاهبها، إذ أن النص هو محور الفكر الإسلامي منذ النشأة إلى اليوم، وكل ما أنتجه الفكر الإسلامي لا يعدو أن يكون إما موثقاً للنص, أو مساعداً على فهمه, أو مستنبطاً منه.

وقد دأبت الحركات الإصلاحية, و التيارات الفكرية على استمداد مشروعيتها من النص، فلا تقبل فكرة أو دعوى ما لم يشهد لها النص بالصلاحية, ولذلك نرى الكل يلوذ بالنص و يلجأ إليه لاستمداد المشروعية, و هذا ما أعطانا فهوما متعددة للقرآن الكريم قد تصل إلى حد التناقض, حتى قال قاضي البصرة عبيد الله بن الحسن: "كل ما جاء به القرآن حق، و يدل على الاختلاف، فالقول بالقدر صحيح و له أصل في الكتاب، و القول بالإجبار صحيح وله أصل في الكتاب، و من قال بهذا فهو مصيب، و من قال بهذا فهو مصيب لأن الآية الواحدة ربما دلت على وجهين مختلفين, و احتملت معنيين متضادين" (2).

والذي جعل مثل هذه الفهوم تكثر وتتعدد إلى حد الفوضى, و ضياع الحقيقة الشرعية بين أهل الأهواء و الضلالات, هو عدم وجود أصول و قواعد للتفسير تضبط الفهم عن الله تعالى، و هذا ما جعل إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل يقول ثلاثة لا أصل لها منها: التفسير، و إن كان يقصد من حيث السند.

وقال ابن تيمية: "إن الكتب المصنفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين, والباطل الواضح والحق المبين" (3).

فمثلا الحديث له أصول تضبط نقله، و كل المحاولات التي أرادت العبث بالسنة باءت بالفشل, و كذلك الفقه له أصوله التي تضبط عملية الاستنباط و التشريع, لكن التفسير بقي بلا أصول و لا قواعد تضبط وتحكم العملية التفسيرية، حتى إن البعض نزع عنه صفة العلمية، و قال إنه لم يرتقي بعد إلى مستوى العلم، بمعنى أنه يفتقر إلى الجانب التنظيري التأطيري، فبقي مجال فوضى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير