فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[06 Jun 2010, 11:20 ص]ـ
قال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)
قال ابن عاشور: حول قوله تعالى (فاقتلوا أنفسكم) فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ تَشْرِيعُ حُكْمٍ لَا يَكُونُ مِثْلُهُ إِلَّا عَنْ وَحْيٍ لَا عَنِ اجْتِهَادٍ- وَإِنْ جَازَ الِاجْتِهَادُ لِلْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ هَذَا حُكْمٌ مُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ حِفْظِ النُّفُوسِ الَّتِي قِيلَ قَدِ اتَّفَقَ عَلَيْهَا شَرَائِعُ اللَّهِ- فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَلَّفَهُمْ بِقَتْلِ أَنْفُسِهِمْ قَتْلًا حَقِيقَةً إِمَّا بِأَنْ يَقْتُلَ كُلٌّ مَنْ عَبَدَ الْعِجْلَ نَفْسَهُ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْأَنْفُسِ الْأَرْوَاحَ الَّتِي فِي الْأَجْسَامِ فَالْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ وَاحِدٌ عَلَى هَذَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا بِالِاعْتِبَارِ كَقَوْلِهِ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ
ويقول البغوي في تفسيره حول نفس الآية:
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ: الذين عبدوا العجل، يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ: ضررتم بأنفسكم، بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ: إلها. قالوا: فأي شيء نصنع؟ قال: فَتُوبُوا: فارجعوا إِلى بارِئِكُمْ: خالقكم، قالوا: كيف نتوب؟ قال: فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، يعني: ليقتل البريء منكم المجرم، ذلِكُمْ، أي: القتل، خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ، فلما أمرهم موسى بالقتل، قالوا: نصبر لأمر اللّه فجلسوا بالأفنية محتبين، وقيل لهم: من حلّ حبوته أو مدّ طرفه إلى قاتله أو اتّقاه بيد أو رجل فهو ملعون مردودة توبته، وأصلت القوم عليهم الخناجر وكان الرجل يرى ابنه وأباه وأخاه وقريبه وصديقه وجاره، فلم يمكنهم المضي لأمر اللّه تعالى، قالوا: يا موسى كيف نفعل؟ فأرسل اللّه تعالى عليهم ضبابة وسحابة سوداء لا يبصر بعضهم بعضا فكانوا يقتلونهم إلى المساء، فلما كثر القتل دعا موسى وهرون عليهما السلام وبكيا وتضرّعا وقالا: يا ربّ هلكت بنو إسرائيل، البقية البقية، فكشف اللّه تعالى السحابة وأمرهم أن يكفوا عن القتل، فكشف عن ألوف من القتلى، يروى عن عليّ رضي اللّه عنه أنه قال: كان عدد القتلى سبعين ألفا فاشتدّ ذلك على موسى فأوحى اللّه تعالى إليه: أما يرضيك أن أدخل القاتل والمقتول منهم الجنة؟ فكان من قتل منهم شهيدا، ومن بقي مكفّرا عنه ذنوبه، فذلك قوله تعالى: فَتابَ عَلَيْكُمْ، أي: ففعلتم ما أمرتم به فتاب عليكم فتجاوز عنكم، إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ: القابل للتوبة.
والسؤال: أي الأقوال أقوم وأقوى حجة وأيهما الأصح؟ وكيف توافق بين القول بالقتل المطلق وبين القاعدة الشرعية في صيانة الدماء وحفظها؟؟؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[06 Jun 2010, 11:39 ص]ـ
أخي الكريم تيسير
ليس هناك تعارض بين ما ذكره بن عاشور والبغوي ولا شك أن الأمر لم يكن باجتهاد من موسى عليه السلام وإنما هو أمر الله تعالى.
ولكن السؤال الذي أبحث عن إجابة له منذ زمن:
هل فعلا وقع القتل أم لا؟
الذي جاء في ما يسمى بالكتاب المقدس أن القتل وقع ولكن ذلك الكتاب لا يعول عليه كثيرا.
وما جاء في التفاسير ليس فيه ما تطمئن له النفس.
فالموضوع لا يزال محل بحث عندي.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[06 Jun 2010, 12:06 م]ـ
الأهم من ذلك أخي مخالفة القاعدة الشرعية أو اصل من أصول الشريعة وهو حفظ النفس والتي هي محط تقدير ووجوب في جميع الشرائع
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[06 Jun 2010, 12:33 م]ـ
الأهم من ذلك أخي مخالفة القاعدة الشرعية أو اصل من أصول الشريعة وهو حفظ النفس والتي هي محط تقدير ووجوب في جميع الشرائع
أخي الفاضل تيسير
ما جاء في الآية من الأمر بالقتل لا يخالف القاعدة الشرعية:
فالقاعدة الشرعية هي أن الأنفس معصومة مالم ترتكب ناقضا ينقض هذه العصمة.
فالقاتل معصوم الدم قبل أن يرتكب جريمة القتل
والزاني المحصن معصوم الدم قبل أن يرتكب جريمة الزنا
والمرتد معصوم الدم قبل أن يقدم على الردة.
فبنو إسرائيل حين عبدوا العجل ارتكبوا معصية عاقبهم الله عليها بأن أمرهم على لسان موسى عليه السلام أن يقتلوا أنفسهم.
فالذي وضع القاعدة هو الذي وضع الاستثناءات.
يقول صلى الله عليه وسلم:
"لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالْمَارِقُ مِنْ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ" متفق عليه
فالأمر كما أشار إليه أخونا أبو تيماء حفظه الله.
¥