تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الآجال والأعمار]

ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[16 Jun 2010, 09:20 م]ـ

الآجال و الأعمار

العمر أخص من الأجل ولهذا قال من قال من أهل العلم: إن الأجل في القرآن لا يقبل التغيير " إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ "،

وقال " لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ".

وقال جل وعلا في العمر " وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ

عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ ".

وهذا يدل على أن الله سبحانه وتعالى ضرب آجالا وجعل أعمارا، والجمع بين هذا وهذا عند طائفة من المحققين من أهل العلم: أن الأجل لا يقبل التعديل ولا التغيير، وأما الأعمار فهي قابلة لذلك، بأسباب أناط الله جل وعلا بها التغيير في قدره السابق، كما قال سبحانه " لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ0يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ".

فأجل العباد وأجل المخلوقات وأجل الأمم هذا هو الذي في اللّوح المحفوظ، لا يقبل التغيير، ولا يقبل التبديل، جعله الله جل وعلا على هذا النحو على ما اقتضته حكمته سبحانه وتعالى، وأما الأعمار فإنها تقبل التغيير، وقَبولها للتغيير لما في التقدير السنوي للعباد؛ لأن القدر منه قدر عام وهو الأصل العظيم، وهو ما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام «قدّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة» هذا التقدير العام في اللوح المحفوظ، ومنه تقدير خاص، و يختلف فهناك تقدير لكل مخلوق في رحم أمه، وثَم تقدير سنوي في ليلة القدر، وثَم تقدير يومي أيضا لما يفعله العباد.

إذا تبين ذلك فإن التقدير الذي يقبل التغيير هو ما في صحف الملائكة، وهذا الذي يُحمل عليه قول الله جل وعلا " وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ " بعض أهل العلم بالتفسير فهم الآية أن معناها وما يعمر من معمر ولا يُنقص من عمر معمر آخر إلا في كتاب، وأنّ تعمير المعمَّر يكون بسببٍ قد قُدِّر هو التعمير معا، فيكون قد عُمِّر، لا بالنسبة إلى أنه كان عمره ليس بطويل فأطيل فيه، وهذا يخالف ما جاءت به السنة الصحيحة من قول المصطفي عليه الصلاة والسلام «من سرَّه أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه»، وبقوله عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه «ولا يزيد العمر إلاّ البِرّ»، فقوله: (من سرّه أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره) يعني أن زيادة الأرزاق منوطة بسبب، وأن تعمير المعمر زيادة في عمره (نسأ الأثر) هذا مربوط بسبب، وهذا الذي ارتبط بالأعمار، بالآثار، أما الآجال فلا، الآجال لا تقبل تغييرا، لأنها هي الموافقة لما في اللوح المحفوظ، يعني الأجل الذي إليه النهاية، أما العمر فهذا يقبل التغيير، ولهذا صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى في سورة الرعد " يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ "

أنه في صحف الملائكة " وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ " يعني اللوح المحفوظ ... ا. هـ

شرح الطحاوية للشيخ / صالح آل الشيخ (بتصرف)

1/ 138

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير