[تفسير سورة "الأعلى" للشيخ سلمان النهرواني]
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[03 Jul 2010, 05:41 م]ـ
الحمد لله رب العالمين
هذا تفسير سورة " الأعلى " للشيخ الإمام النحوي اللغوي صاحب التصانيف سلمان بن أبي طالب عبدالله بن محمد أبو عبد الله النهرواني. من كبار أئمة العربية، صنف كتاب القانون في اللغة عشر مجلدات، قليل المثل، وكتاباً في التفسير (ومن تحقيق جزء منه أنقل)، وشرح الإيضاح لأبي علي الفارسي، وصنف في علل القراءات. (راجع تاريخ الذهبي، ج10/ص739 تحقيق د, بشار عواد)
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الْأَعلى
مكية، وهي تسع عشرة آية.
بسم الله الرحمن الرحيم
?سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) ?
التسبيح لله: تنزيهه عما لا يجوز في صفته إلى صفات التعظيم له، كوصفه بأنه لا إله إلا هو، فينفي ما لا يجوز في صفته من شريك في عبادته، مع الإقرار بأنه الإله وحده.
وسبح اسم ربك، وباسم ربك، بمعنى. وجاء في التفسير: صل لربك، وصل باسم ربك، والأصل ما ذكرناه.
وقيل: معناه قل: سبحان ربي الأعلى، معناه: القادر الذي لا قادر أقدر منه، القاهر لكل أحد ([1] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn1)).
وقيل: نزه اسم ربك أن تسمى به سواه، فلا تسمي الله غيره.
والأعلى من صفات الله، وهو متابعة الوصف له بالعلوّ وعلوّ عظمته، وهو علو الصفة والتعالي عن صفات النقص ([2] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn2)).
? الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) ?
أي: خلق كل حيّ روح، فسوى خلقته، وخص كل واحد بتأليف ونظمٍ على ما أراده.
وقيل: خلقه مستويا متقنا محكما، غير مثبَّج ليدل على علم فاعله وإرادته.
?وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) ?
التقدير: تنزيل الشيء على مقدار غيره، يعني: والذي من صفته أنه قدَّر الخلق أزواجا، ذكرا وأنثى، ثم هداهم لوجه التناسل والتولّد، وعلّمهم كيف يأتيها وكيف تأتيه.
وقيل: قدّر الولد في البطن تسعة أشهر أو أقل وأكثر، وهدى للخروج للتمام منه.
وقيل: هداه إلى اجتناب المضارّ وابتغاء المنافع.
وقيل: هدى من الضلالة، فاكتفي من ذكر الضلالة بذكر الهدى لكثرة ما ذكر الهدى والضلال معا ([3] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn3)).
وقيل: هداه إما شاكرا وإما كفورا.
وقيل: جعل الهداية في قلب الطفل حتى طلب ثدي أمه وميّزه عن غيره.
وقيل: والذي قدّر فهدى، أي: قدّر الخلق على ما خلقهم فيه من الصور والهيئات، واجرى لهم أسباب معايشهم من الأرزاق والأقوات، ثم هداهم إلى دينه ومعرفة توحيده بإظهار الدلالات والبينات.
?وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5) ?
يعني: والذي أخرج المرعى أحوى فجعله غثاء، ويكون أحوى في موضع نصب على الحال، يريد: والذي أنبت الزرع والنبات من الأرض أخضر يضرب إلى الحوّة، والحوّة: السواد، أي: من شدّة خضرته، ثم جعله غثاء، أي: جففه حتى يصير هشيما جافا كالغثاء الذي نراه فوق الماء.
وقيل: إنه مثل ضربه الله تعالى لذهاب الدنيا بعد نضارتها.
?سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) ?
أي: سنجمع حفظ القرآن في قلبك وقراءته في لسانك حتى لا تنسى.
قيل: كان النبي صلى الله عليه وعلى آله يتلقَّف القرآن عن جبريل بسرعة، فكان إذا قرأ آية كاد يسبقه بالتلقف مخافة أن ينسى، فأنزل الله تعالى: (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ).
وقال تعالى (سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى) قيل: إنه عليه السلام لم ينس بعد هذا شيئا ألبتة من القرآن إلى أن مات، فقيل في هذا: إنه معجزة للنبي صلى الله عليه وعلى آله، حيث يلقي إليه الملك ما لم يقرأه في الكتب ولا يسمعه بأبلغ لفظ وأتم معنى وأحسن نظم وبلاغة، ثم لا يذهب عليه شيء من ذلك ولا ينسى، مع كونه أميا.
?إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ?
أي: مما لا يقع به التكليف في التبليغ ولا يجب عليه، فينسيه الله سبحانه إذا شاء نسيانه إذا لم يجب عليه إبلاغه ولم يكلَّف القيام بأدائه، فلم يمتنع نسيانه في وصفه.
وقيل: إلا ما شاء الله أن ينساه برفعٍ لحكمه ([4] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn4)) وتلاوته ([5] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn5)).
وقيل: إلا ما شاء الله أن يؤخّر إنزاله.
¥