تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[للقراءة والنقد: دراسة بعنوان: من إعجاز القرآن إلى العجز العلمي]

ـ[مرهف]ــــــــ[13 Jun 2010, 09:16 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله

لقد وقعت هذه المقالة بين يدي من فترة، وقرأتها وكنت أتهيأ لتعليق عليها، ولكن كثرة الأشغال أخرتني في ذلك، فرأيت أن يقرأها الأخوة ويبدوا رأيهم في هذه الدراسة آخذين بالاعتبار المساق والتوجه الفكري لها، والمقصد من طرحها، فمن أهم فوائد قراءة مثل هذه الدراسات: معرفة النمط الفكري لمثل الكاتب لهذه الدراسة وكيفية الاسقاطات والحكم على المقاصد وممارسة العربدة الفكرية ووضع العصا في العجلات لإحداث إرباك في مسيرة التصحيح العلمي.

من إعجاز القرآن ... إلى العجز العلميّ

بقلم: العادل خضر

2010/ 03/09

يقول محيي الدّين بن عربي: "لمّا شاء الحقّ سبحانه من حيث أسماؤه الحسنى الّتي لا يبلغها الإحصاء أن يرى أعيانها، وإن شئت قلت أن يرى عينه، في كون جامع يحصر الأمر كلّه لكونه متّصفا بالوجود، ويظهر به سرّه إليه، فإنّ رؤية الشّيء نفسه بنفسه ما هي مثل رؤيته نفسه في أمر آخر يكون له كالمرآة (…) اقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فكان آدم عين جلاء تلك المرآة وروح تلك الصّورة" (1). فالأسماء الحسنى قبل تجلّيها، وقبل أن يشاء "الحقّ" أن يرى أعيانها كانت منزّهة وغير متجسّدة في شيء. فهي موجودة بالقوّة معدومة بالفعل. ولمّا تجلّت وتعيّنت في مرآة العالم صارت الأسماء عينا وأعيانا، قد تجلّى سرّها في أمر آخر غير نفسها. وهي بهذا التّغيّر تحقّق غيريّتها المطلقة بالانتقال من موقع الهو هو Le même إلى موقع الغير L’autrui. ويمكن هاهنا أن نتساءل: ألا ينسف هذا الانتقال مفهوم الدّليل لمّا أصبح هذا العالم بما فيه من أشياء هو الله ذاته بعد أن انتقلت أسماؤه من موقع الهو هو إلى موقع الغير، فانقلبت بذلك الانتقال من حال الأسماء الحسنى إلى حال الأعيان، أي الأسماء وقد تعيّنت في شيء؟ أم ينبغي أن نحافظ على مفهوم الدّليل فنعتبر هذه الأشياء صورا للأسماء الحسنى وقد تعيّنت في مرآة العالم؟ وحينئذ كيف السّبيل إلى معرفته والعلم به؟ يقول ابن عربي: "ثمّ لتعلم أنّه لمّا كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا الله تعالى في العلم به على النّظر في الحادث، وذكر أنّه أرانا آياته فيه، فاستدللنا بنا عليه. فما وصفناه بوصف إلاّ كنّا نحن ذلك الوصف إلاّ الوجوب الخاصّ الذّاتيّ. فلمّا علمناه بنا ومنّا نسبْنا إليه كلّ ما نسبناه إلينا. وبذلك وردت الإخبارات الإلهيّة على ألسنة التّراجم إلينا. فوصف نفسه لنا بنا: فإذا شهدناه شهدنا نفوسنا، وإذا شهدنا شهِد نفسه" (2). فالكون بما فيه من الأشياء الّتي تؤثّثه والكائنات والموجودات والمخلوقات الّتي تعمّره هي أعيان "الأسماء الحسنى" وقد تجلّت في مرآة العالم.

ولهذه "الأسماء الحسنى" مرادف آخر عند المتكلّمين هي "كلمات الله". وقد ورد ذكرها في بعض الآيات نذكر منها:

*وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهْوَ السَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ (الأنعام،6،الآية115).

*وَلَوْ أَنَّ مَا فِي اَلأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَاَلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (لقمان،31،الآية27).

*قُلْ لَوْ كَانَ اَلْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفَدَ اَلْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثُلِهِ مَدَدًا " (الكهف،18،الآية 109).

تتجلّى لنا في هذه الآيات المختارة بعض السّمات الّتي يمكن أن نحدّ بها كلمات الله، نقتصر على سمتين منها، هما:

* سمة اللاّتبدّل l’irrévocabilité . فكلام الله فوريّ من صنف الأفعال الإنجازيّة لأنّها تحدث ما تقوله وتخلق ما تتلفّظ به. فهو كلام ينشئ الواقع إبّان القول. ولأجل ذلك كان كلاما محتوما غير حادث قديما مكتوبا منذ الأزل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير