تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[وصف الله تعالى بأنه أحسن الخالقين]

ـ[عاطف الفيومي]ــــــــ[17 Jul 2010, 07:48 م]ـ

الكلام على وصف الله تعالى بأنه أحسن الخالقين

كيف نردّ على من يدعي أن هناك تعارضاً بين الآيتين التاليتين: (أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ)، و: (لم يكن له كفواً أحد)؛ حيث إن الله يقارن نفسه في الآية الأولى مع "الخالقين"، وفي الآية الثانية ينفي عن نفسه التشبيه؟. أرجو منك شرحاً مفصلاً لكلمة الخالقين، ولماذا وردت بصفة الجمع، وأرجو أن تترجموا لي الإجابة للإنجليزية، حتى أبعثها لصاحب الشبهة. وبارك الله فيكم.

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

من الأصول المهمة في فهم ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في باب أسماء الله وصفاته، أن نعلم أن هذه الأسماء والصفات أطلقت على ما يفهم الناس من لغة العرب، التي بها نزل الخطاب، وأن من ضرورة خطاب الناس بلسانهم ولغتهم التي يعرفونها أن يعبر عما ينسب إلى الله تعالى من الأسماء والأوصاف والأفعال، بألفاظ تستعمل في حق خلقه، ويفهمها الناس من لغتهم، وإلا لم يمكنهم فهم المراد من ذلك، لكن ذلك لا يعني بحال من الأحوال أن يكون ما يسمى به الخلق، أو يوصفون به، مشابها لما في حق الله.

قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله:

" وكل من فهم عن الله خطابه يعلم أن هذه الأسامي، التي هي لله تعالى أسامي ... قد أوقع تلك الأسامي على بعض المخلوقين، ليس على معنى تشبيه المخلوق بالخالق، لأن الأسامي قد تتفق وتختلف المعاني؛ فالنور وإن كان اسمًا لله، فقد يقع اسم النور على بعض المخلوقين، فليس معنى النور الذي هو اسم لله في المعنى مثل النور الذي هو خلق الله ...

وربنا جل وعلا الهادي، وقد سمى بعض خلقه هاديًا، فقال عَزَّ وجَلَّ لنبيه: (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) فسمى نبيه هاديًا وإن كان الهادي اسمًا لله عَزَّ وجَلَّ.

والله الوارث، قال الله تعالى: (وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ)، وقد سمى الله من يرث من الميت ماله وارثًا، فقال عَزَّ وجَلَّ: (وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ).

فتفهّموا ـ يا ذوي الحجا ما بينت في هذا الفصل، تعلموا وتستيقنوا أن لخالقنا عَزَّ وجَلَّ أسامي، قد تقع تلك الأسامي على بعض خلقه في اللفظ، لا على المعنى، على ما قد بينت في هذا الفصل من الكتاب و السنة ولغة العرب ". انتهى من "التوحيد"، لابن خزيمة (1/ 56).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" واذا كان من المعلوم بالضرورة أن في الوجود ما هو قديم واجب بنفسه، وما هو محدث ممكن يقبل الوجود والعدم؛ فمعلوم أن هذا موجود وهذا موجود، ولا يلزم من اتفاقهما فى مسمى الوجود، أن يكون وجود هذا مثل وجود هذا؛ بل وجود هذا يخصه، ووجود هذا يخصه، واتفاقهما فى اسم عام، لا يقتضي تماثلهما فى مسمى ذلك الاسم عند الإضافة والتخصيص والتقييد، ولا في غيره.

فلا يقول عاقل، إذا قيل ان العرش شيء موجود وأن البعوض شيء موجود: أن هذا مثل هذا لا تفاهما فى مسمى (الشيء) و (الوجود) ... ، بل الذهن يأخذ معنى مشتركاً كلياً هو مسمى الاسم المطلق، وإذا قيل هذا موجود وهذا موجود، فوجود كل منهما يخصه لا يشركه فيه غيره، مع أن الاسم حقيقة في كل منهما.

ولهذا سمى الله نفسه بأسماء، وسمى صفاته بأسماء، وكانت تلك الاسماء مختصة به إذا أضيفت إليه، لا يشركه فيها غيره.

وسمى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم، مضافة إليهم، توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والتخصيص، ولم يلزم من اتفاق الاسمين، وتماثل مسماهما واتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص: اتفاقهما، ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص، فضلا عن أن يتحد مسماهما عند الإضافة والتخصيص.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير