[دلالة قوله تعالى " فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين "]
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[08 Jul 2010, 06:09 م]ـ
? فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ?
إن الذين فرضوا على الناس تقليدهم في فقههم وفهمهم وحجروا على الرأي والفكر والعقل فأغلقوا دون الاجتهاد بابا، لم يسعهم وخالفوا ما ارتضاه الله من المخالفين وأذن لنبيه ? بقبوله منهم وهو أن يأتوا بالدليل.
وسيعقل من تدبر القرآن أنه ناقش فريقين من المخالفين:
أحدهما كافر مشرك بالله، خوطب في الكتاب المنزل من عند الله باستعمال السمع والبصر والفكر والعقل لإدراك الأدلة العقلية والحسية المادية ليهتدي إلى أن الله هو رب كل شيء وخالقه ومدبر أمره، وليعبده المكلفون، وليخافه من يفقهون ويعقلون، وخطاب هذا الفريق كما في قوله:
ـ ? أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون ? الطور 35 ـ 36
ـ ? قال فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر ? البقرة 258
ـ ? واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا ? الفرقان 3
وجلي من تفصيل الكتاب المنزل خطابهم وتكليفهم باستعمال العقل وأدوات التفكير ليتبيّنوا من حرف الطور أنهم لم يخلقوا أنفسهم وإنما هم المخلوقون وأن الذي خلقهم هو الذي خلق السماوات والأرض ولهو إذن أحق بالعبادة من الأصنام وسدنتها.
وليتبينوا من حرف البقرة أن السنن ونظام الحياة التي فطر الله عليها الكون لن يستطيع تغييرها غير رب العالمين.
وليتبينوا من حرف الفرقان أن الله الذي يخلق ويملك الضر والنفع ويملك الموت والحياة والنشور خير من آلهتهم التي لا تقدر على شيء من ذلك.
وثاني الفريقين من المخالفين يقرّ بالله ربه الخالق خوطب في الكتاب المنزل من عند الله بأن الدليل أي الحجة والبرهان والسلطان المبين أي البيّن له أو عليه إنما هو ما تضمنه الكتاب المنزل من عند الله، وكذلك دلالة قوله:
ـ ? أم آتيناهم كتابا فهم على بيّنة منه ? فاطر 40
ـ ? أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون ? الزخرف 21
ـ ? أصطفى البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون أفلا تذكّرون أم لكم سلطان مبين فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين ? الصافات 153 ـ 157
ـ ? إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون إنّ لكم فيه لما تخيّرون ? القلم 34 ـ 39
ـ ? وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ? البقرة 111
ـ ? كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرّم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ? عمران 93 ـ 94
ويعني أن الكتاب المنزل من عند الله كالتوراة أو الإنجيل أو القرآن كل منه بينة وحجة لمن استمسك به في سلوك أو قول أو تصور، إذ الكتاب المنزل من عند الله هو العهد منه كما في قوله ? وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون ? البقرة 80 ويعني أن لم يتخذوا عند الله عهدا أن لن تمسهم النار إلا أياما معدودة بل هو مما قالوه بغير علم إذ لم يتضمنه الكتاب المنزل من عند الله إليهم وهو التوراة، وكما في قوله ? أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمان عهدا كلا ? مريم 77 ـ 79 ويعني أن الذي زعم أن سيؤتى لو بعث في الآخرة مالا وولدا كما في الدنيا إنما يفتري الكذب إذ لم يطلع الغيب كالنبيين والرسل بما يوحى إليهم، ولم يتخذ عند الله عهدا أي لم يتضمن الكتاب المنزل من عند الله تصديق زعمه.
ويعني حرف فاطر أن من خالف في سلوكه أو قوله أو تصوره ما أمر الله به في الكتاب المنزل من عنده فلا يدّع موافقة الحق إذ لم يكن على بينة من ربه بالكتاب المنزل من عنده.
ويعني حرف الزخرف أن المقلدين الذين يحتجون بالقدر ليفلتوا من الحساب والعقاب ليسوا على علم بل يتبعون الظن ويكذبون إذ لم ينزل عليهم كتاب من الله يتضمن تصديق احتجاجهم بالقدر يستمسكون به ليكون لهم حجة عند الله يوم القيامة.
¥