تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الدليل الرابع على البعث: الخلق الأول، وهو الاستدلال على البعث بأن الذي خلقك أول مرة قادر على أن يعيد خلقك، فالذي صنع شيئاً أول مرة قادر على إعادة صنع هذا الشيء مرة أخرى، (ففي سورة النبأ قال تعالى: (وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) سورة النبأ وفيها توضيح قدرة الله على الخلق الأول وبعد بضع آيات قال عز وجل: (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) سورة النبأ وفيه النتبيه على قدرته سبحانه على إعادة صنع ذلك مرة أخرى) كما قال تعالى: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} [ق:15]، أي: أفأتعبنا وأرهقنا الخلق الأول حتى يتشككوا في البعث؟! فهذه أربعة أدلة على البعث ومضامينها مذكورة في سورة عمَّ، وهذا هو الذي رجح أن المراد بالنبأ العظيم البعث بعد الموت، وسيأتي الكلام عليها واحداً واحداً إن شاء الله.) (إنتهى) (ما بين قوسين نقلا عن سورة النبأ من كلامي)

وقد ذهب الطبري الى الجمع بين الأقوال الثلاثة

في تفسير النبأ العظيم وهذا مردود لأن السياق في النبإ هو مفرد وسبقت الأدلة على تعينه وحده وبطلان القولين الآخرين وإلى هذا ذهب العلامة الشنقيطي في رده على الطبري في تفسيره الرائق أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن (8/ 406 - 408) إذ قال الشنقيطي: (ولكن بقي بيان هذا النبإ العظيم ما هو؟

فقيل: هو الرَّسول صلى الله عليه وسلم في بعثته لهم.

وقيل: في القرآن الذي أنزل عليه يدعوهم به.

وقيل في البعث بعد الموت.

وقد رجح ابن جرير: احتمال الجميع وألا تعارض بينها.

والواقع أنها كلها متلازمة، لأن من كذب بواحد منها كذب بها كلها، ومن صدق بواحد منها صدق بها كلها، ومن اختلف في واحد منها لا شك أن يختلف فيها كلها.

ولكن السياق في النبإ وهو مفرد. فما المراد به هنا بالذات؟

قال ابن كثير والقرطبي: من قال إنه القرآن: قال بدليل قوله: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ} [ص: 67 - 68].

ومن قال: إنه البعث قال بدليل الآتي بعدها: {إِنَّ يَوْمَ الفصل كَانَ مِيقَاتاً} [النبإ: 17].

والذي يظهر والله تعالى أعلم: أن أظهرها دليلاً هو يوم القيامة والبعث، لأنه جاء بعده بدلائل وبراهين البعث كلها، وعقبها بالنص على يوم الفصل صراحة، أما براهين البعث فهي معلومة أربعة: خلق الأض والسماوات، وإحياء الأرض بالنبات، ونشأة الإنسان من العدم، وإحياء الموتى بالفعل في الدنيا لمعاينتها وكلها موجودة هنا.

أما خلق الأرض والسماوات، فنبه عليه بقوله: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مِهَاداً والجبال أَوْتَاداً} [النبأ: 6 - 7]، وقوله: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً} [النبأ: 12 - 13] فكلها آيات كونية دالة على قدرته تعالى كما قال: {لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس} [غافر: 57].

وأما إحياء الأرض بالنبات ففي قوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ المعصرات مَآءً ثَجَّاجاً لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً} [النبأ: 14 - 16] كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرض خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت وَرَبَتْ إِنَّ الذي أَحْيَاهَا لَمُحْىِ الموتى} [فصلت: 39].

وأما نشأة الإنسان من العدم، ففي قوله تعالى: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً} [النبأ: 8] أي أصنافاً، كما قال تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الذي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: 79].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير