ويعني أن الله دعا المشركين الذين حرّموا من ثمانية أزواج الأنعام ما لم يأذن به الله أن ينبئوا النبي الأمي ? أي يخبروه بعلم أي يعرضوا عليه ساعة نزل عليهم لأول مرة من الله تحريم البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي وهو الدليل القوي لو استطاعوه وهو الذي تتأتى به معارضة ما جاء به النبيون من العلم أو يأتوا بكتاب من عند الله نزل فيه تحريم ما زعموا.
فالنبوة بعلم بمعنى العرض يقظة هي ما اختص به النبيون وهي أخص من قوله ? سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا ? الكهف 78 وقوله ? ونبئهم أن الماء قسمة بينهم ? القمر 28 أي أخبرهم ولم يسبق إليهم علم به.
إن التقدم العلمي اليوم لم يبلغ بعض ما عرض على النبيّ الأميّ ? يقظة كما في المثاني:
? ? ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم ? البقرة 243
? ? ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبيّ لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ? البقرة 246
? ? ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب ? النساء 77
? ? ألم تر إلى الذي حاجّ إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر ? البقر 258
? ? ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار ? إبراهيم 28
? ? ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول ?
? ? ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد فرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب ? الفجر 6 ـ13
وشبهه ويعني الحوادث الماضية قبله التي عرضت عليه قبل أن ينزل عليه القرآن في شأنها، وليقعن في أمته من بعده حوادث مثلها كما هي دلالة نبوته التي تقدم بيانها.
وإن قوله:
? ? ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ? عمران 23
? ? ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ? المجادلة 8
وشبهه ليعني الحوادث المعاصرة التي غابت عنه وعرضت عليه قبل أن ينزل عليه القرآن في شأنها وليقعن في أمته من بعده حوادث مثلها كما هي دلالة نبوته التي تقدم بيانها.
وإن قوله:
? ? ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا ? غافر 69
? ? ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ? لقمان 31
وشبهه ليعني الحوادث التي لم تقع بعد وعرضت عليه قبل أن ينزل عليه القرآن في شأنها ولتقعن كما نبأ الله بها خاتم النبيين ? فعرضها عليه عرضا ونبأه وأمته بها في القرآن وكما سيأتي تفصيله.
وكذلك قوله:
? ? فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم ? المائدة 52
? ? فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ? الحاقة 7
فهو مما عرض عليه كذلك وسيقع مثله بعده في أمته سيأتي بيانه وكما هو مدلول أنه مما عرض عليه ونبئ به في القرآن.
أما ما خوطب به الناس في القرآن من ذلك كما في قوله:
? ? ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ? لقمان 20
? ? ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ? نوح 15 ـ 16
? ? أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده ? العنكبوت 19
? ? أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون وجعلنا السماء سقفا محفوظا فهم عن آياتها معرضون ? الأنبياء 30 ـ 32
? ? أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ? الرعد 41
¥