تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تلقيّاً، وتزكيةً، وتدارساً، وسيراً به إلى الله في خلوات الليل؛

هو وحده الكفيل بإشعال مشكاته، واكتشاف أسرار وحيه، والارتواء من جداول روحه، والتطهر بشلال نوره .. النور المتدفق بالحياة على قلوب المحبين، فيضاً ربانيا نازلاً من هناك، من عند الرحمن، الملك الكريم الوهاب!

فتدبر يا صاح هذا المشهد القرآني الجليل! في بيان حقيقة تَلَقِّي محمد - صلى الله عليه وسلم - للوحي عن الملَك العظيم جبريل عليه السلام، حيث تلقَّى عنه ما تلقَّى من قرآن كريم، وحياً من الله رب العرش العظيم، وشاهدَ ما شاهدَ خِلاَلَ ذلك من حقائق إيمانية، ومنازل روحانية، ضاربة في عمق الغيب الأعلى! (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى. مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى. وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى. ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى. وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى. ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى. مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى. أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى. وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى. إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى. مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى. لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى.) (النجم: 1 - 18)

ذلك هو القرآن الوحي! إنه حجر كريم، بل إنه نجم عظيم وقع على الأرض!

ولم يزل معدنه النفيس يشتعل بين يدي كل من فركه بقلبه، وكابده بروحه، تخلقاً وتحققاً! حتى يرتفع شعاعُه عاليا، عاليا في السماء، دالا على مصدره وأصله، هناك بموقعه الأعلى في مقام اللوح المحفوظ! ومشيراً مِنْ عَلُ ببرقه العظيم إلى باب الخروج .. ! فهنيئاً لمن تمسك بحبله، واتصل قلبُه بتياره، وتزود من رقراق أسراره، ثم مشى على الأرض في أمان أنواره!

نعم! ذلك هو القرآن الوحي، الذي يصل قارئَه وَحْياً بملأ السماء مباشرةً .. من أول كلمة يقرؤها!

فإذا به يطل على عالم الشهادة من شرفات عالم الغيب!

بصائر قرآنية واضحة ومشاهدات، لا يضام في حقائقها شيئاً!

بصائر ومشاهدات لا تلبيس فيها ولا تدليس، ولا خرافة ولا تخرصات!

وإنما هو نور الفرقان!

قال جل جلاله: (قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ!) (الأنعام: 104) وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ!) (الأنفال: 29)

نعم! ذلك هو القرآن الوحي! ..

فمن يفرك جمره؟

ومن يقتبس من حر آياته نورَه؟

فعسى أن يترقى في معراجه إلى مقام الروح الأعلى!

وعساه يكون بذلك من المبصرين؛ فيشاهد خارطة الطريق .. !

أيها القابضون على الجمر .. !

أيها المراقبون لنيزك السماء .. !

إنه وَحْيٌ .. فَتَعَرَّضُوا لَهُ!

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ!) (آل عمران: 200).

ذلك، وإنما الموفَّق من وفقه الله .. !

محبكم: فريد الأنصاري


هوامش:
(1) رواه البخاري.
(2) عند تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ .. ) (آل عمران: 44).
(3) الصحاح: مادة "وحي".
(4) لسان العرب: مادة "وحي".
(5) ن. تقرير مفهوم "الدين" في كتاب الفطرية: 96.
(6) متفق عليه.
(7) رواه مسلم.
(8) رواه مسلم.
(9) لسان العرب: مادة "وحي".
(10) لسان العرب: مادة "وحى". وتمام الآية المذكورة في النص: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ!) (الأنعام: 112).

المصدر:منتدى الفطرية ( http://www.alfetria.com/forum/showthread.php?t=51)

ـ[محمد نصيف]ــــــــ[16 Jul 2010, 07:19 ص]ـ
رائع جداً جداً ... وقد ذكرني بمقولة جميلة: " أخْذُ ألفاظِه، من حفاظِه، وأخذ معانيه، ممن يعانيه".

ـ[خلوصي]ــــــــ[20 Jul 2010, 03:52 ص]ـ
رائع جداً جداً ... وقد ذكرني بمقولة جميلة: " أخْذُ ألفاظِه، من حفاظِه، وأخذ معانيه، ممن يعانيه".
مقولة بديعة جداً و معبّرة .. و قد رأيتك من قبل تقتبسها أخي الكريم فراقت لي جداً .. و رأيتها ذات أثر تأصيلي لكثير من المواقف التي نعيشها حقيقة و نستشعر حقيتها و لكن يُشغب عليها بأوهام! فيُحرم الكثير منا من خير كبير!

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير