ولكنه خولف بين لفظيهما- وإن كانا بمعنى واحد- للطيفة؛ وهي: أن الرجفة هائلة في نفسها، فلم يحتج معها إلى مهوِّل0 وأما الصيحة فغير هائلة في نفسها؛ لكن تلك الصيحة، لما كانت عظيمة، حتى أحدثت الزلزلة في الأرض، ذكر الديار بلفظ الجمع حتى تعلم هيبتها0 والرجفة- بمعنى الزلزلة- عظيمة عند كل أحد، فلم يحتج إلى معظم لأمرها0 التفسير الكبير للفخر الرازي: (25/ 54)
والصيحة- في اللغة- هي: رفع الصوت بقوة0 وهي من الصياح0 يقال: صاح يصيح، إذا صوت بقوة0 قال تعالى: {إن كانت إلا صيحة واحدة} 0 وقال: [يوم يسمعون الصيحة بالحق] 0 أي: النفخ في الصور0
أما الرجفة فهي الزلزلة الشديدة المهلكة0 وهي من الإرجاف0 ومعناه: إيقاع الرجفة0 ويكون ذلك بالقول والفعل0 قال الله تعالى: [يوم ترجف الراجفة] (النازعات:6) 0 وقال: [يوم ترجف الأرض والجبال] (المزمل/14) 0
ويجمع المفسرون على أن المراد من (دارهم): ديارهم، أو مساكنهم، أو بلدانهم، أو أرضهم0 ونحو ذلك قولهم: دار الحرب، ودار الإسلام0 ولو لم نكن ذلك لما جاز إضافتها إلى ضمير الجمع (هم) 0 والمشهور- عند النحاة- أن الإضافة إلى الجمع- في لغة العرب- يجوز أن تكون بلفظ الجمع، وأن تكون بلفظ الواحد، إذا أمن الالتباس0 وقد اجتمع اللفظان في قوله تعالى: [ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها فيأخذكم عذاب قريب* فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب* فلما جاء أمرنا نجينا صالحًا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز* وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين] (هود/65 - 670) 0
فقوله تعالى: [تمتعوا في داركم]، ثم قوله تعالى: [فأصبحوا في ديارهم] يدل على أن المراد بدارهم، وديارهم معنى واحد00 ويدل أيضًا على أن الرجفة تعم، كما تعم الصيحة، حتى إنه روي- كما ذكر الشوكاني، والألوسي- عن مجاهد والسدي قولهما بأن الصيحة، والرجفة بمعنى واحد0 وذكر السيوطي في الدر المنثور عن أبي مالك في قوله تعالى: (فأصبحوا في ديارهم) أنه قال: يعني العسكر كله0
والله تعالى أعلم بمراده، وأسرار بيانه، والحمد لله رب العالمين0
د0 عماد
(وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)!
ـ[سليمان داود]ــــــــ[14 May 2004, 11:45 ص]ـ
لقد قرأت اللمسه البيانيه التي أوردتها أختنا الفاضله نقلا عن العالم الكبير السامرائي
وقرأت أيضا الردود اللاحقه
والله يا أخوتي عندما أقرأ للسامرائي أصاب بالذهول لسعة علمه ودقته
فأنني أحسبه عند الله من الراسخين في العلم والله حسبه وحسبنا
قال تعالى لايعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم
وهذا تكريم خاص للعلماء أمثال السامرائي أفادنا الله بعلمهم الغزير
وأنوه هنا وهذا من عندي فربما أصيب فمن الله وأن أخطأت فمن نفسي
أن الله سبحانه وتعالى لم يقل لا يعلم تأويله الا الله والروح الأمين والنبيين؟؟؟؟؟؟؟؟
بل قال الراسخون في العلم ومن المؤكد أن هذه الصفه تشمل النبيين من البشر
ولهذا السبب ذهب موسى عليه السلام وذاق النصب والتعب والجوع كي يتعلم من العبد الصالح الذي أوتي علما"
وكان تلميذا"؟؟؟؟ بكل معنى الكلمه أمام من أوتي العلم من الله
وللتنويه
فهذا العبد الصالح ليس نبيا أو رسولا"؟؟؟؟
أشكرك أختي سمر وأرجو ا أن تزيدينا مما قرأتي أو سمعتي من لمسات عالمنا الجليل السامرائي
فأنني هنا (في الكويت) لم أجد مؤلفاته لأكتنزها؟؟؟
جزاك الله خيرا"
ـ[د. عماد]ــــــــ[14 May 2004, 03:38 م]ـ
السلام عليكم
أولاً- مر أحد العلماء- وكان شارد الذهن- ببهلول، دون أن يسلم عليه0 فقال بهلول: وعليكم السلام0 فانتبه ذلك العالم، وأحس بخطئه، فعاد إلى بهلول؛ ليقول له: السلام عليكم0 فقال له بهلول: لو ابتدأت، لأوجبت علينا حسن الرد0
ثانيًا- يقول سليمان داود أنه قرأ اللمسة البيانية للدكتور فاضل، وقرأ الردود عليها، ثم أردف ذلك قائلاً: (يا أخوتي عندما أقرأ للسامرائي أصاب بالذهول لسعة علمه ودقته
فأنني أحسبه عند الله من الراسخين في العلم والله حسبه وحسبنا) 0
¥