تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[سليمان العجلان]ــــــــ[13 Oct 2004, 06:26 م]ـ

الصفة السادسه:

التكاسل عن الصلاة:

المنافق قد يؤدي الكثير من الأعمال الصالحة والعبادات الجماعية، بيد أنه لايستشعر حلاوة ذلك , حيث إن حلاوة الطاعة والأنس بها لايتذوقها قلب خرب قد مُليءَ بالحقد على الإسلام وأهله، ولا أشد خراباً من قلبٍ امتلىءَ بالنفاق، ولذا فهو يؤدي أعمال الطاعات بحركة مجردة من الإخلاص، الذي هو الأصل في مقاصد العبودية، وما كان ذلك من المنافق إلا ليوهم من حوله أنه على منهج مستقيم، وذلك خوفاً من افتضاح أمره، وانكشاف حاله، فإذا كان مطمئناً فإنه لايؤدي ما كان يؤديه حال خوفه إذ انه يتثاقل عن صلاة العشاء و الفجر لأنهما يؤديان في العتمة والغلس فلا يشعر بغيابهم أحد، وأما الأوقات الأخرى فإنه يتكاسل عن القيام إليها كما حكى الله تبارك وتعالى عنهم في قوله: ((إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى .... )) () قال ابن كثير رحمه الله: (هذه صفة المنافقين في أشرف الأعمال وأفضلها وخيرها وهي الصلاة. إذا قاموا إليها قاموا وهم كسالى عنها، لأنهم لا نية لهم فيها، ولا إيمان لهم بها ولاخشية، ولايعقلون معناها).

قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: يصلون مراءات وهم متكاسلون، متثاقلون، لايرجون ثواباً ولايعتقدون على تركها عقاباً. وفي صحيح الحديث: (إن أثقل صلاة على المنافقين العتمة والصبح). فإن العتمة تأتي وقد أتعبهم عمل النهار فيثقل عليهم القيام إليها، وصلاة الصبح تأتي والنوم أحب إليهم من مفروح به، ولولا السيف ما قاموا. اهـ

أما منافقوا زماننا فقد أمنوا العقوبة فأساؤا الأدب , وتركوا الصلاة نهاراً جهاراً , بل ويعلنون في بعض منتدياتهم وبكل وقاحة وصفاقة وجه: بأن مسألة إقامة الصلاة هي مسألة شخصية , وليس لأحد الحق في أن يتدخل في أمرها! ونسي هؤلاء أو تناسوا حديث ابن مسعود رضي الله عنه عند مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الصلاة: (لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أُحرِّق على رجالٍ يتخلفون عن الجمعة بيوتهم). وإن المتأمل لهذا الحديث يجد فيه اموراً تدل على شناعة ترك الصلاة , ومنها:

الأول: التحريق إذ هو أمر ليس بالهين ولايهم به الرسول صلى الله عليه وسلم إلا لأمرٍ عظيم، ولا أعظم ولا أشنع من ترك الصلاة.

الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: أحرِّق، بصيغة المبالغة، وهذا فيه دليل على التشديد بإنزال العقوبة على تارك الصلاة.

الثالثة: أنه صلى الله عليه وسلم لم يبحث هل أقاموا الصلاة في بيوتهم أم لا، مما يفيد أن مجرد ترك الجماعة يوجب العقوبة على فاعله , والله المستعان.

ـ[سليمان العجلان]ــــــــ[14 Apr 2005, 02:33 م]ـ

الصفة السابعة:

صد الناس عن الإنفاق في سبيل الله:

مخططات تجفيف المنابع في كافة سبل الخير والبر والإحسان والدعوة إلى الله هي ديدن المنافقين منذ زمن عبد الله بن أُبي بن سلول و إلى يومنا هذا، بل هي من أبرز صفات المنافقين حيث يضيقون ذرعاً بما يرونه مما تنفقه تلك الأيادي البيضاء الصادقة والتي تنفق إنفاق من لا يخشى الفقر فرحةً مسرورةً، راغبةً في نوال البر من الله عز وجل، متذكرةً قول الباري جل جلاله: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما نقص مالٌ من صدقة بل تزده بل تزده بل تزده)، ما دام ذلك ينفق على الفقراءِ والمساكين وأهل العوز والحاجة، وفي مجال الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله، فاغتاضوا لما يرونه من التسابق على أبواب البر والإحسان فحاكوا المؤامرات تلو المؤامرات لسد منافذ تلك التبرعات، و وصموا أهل الخير بالتهم الباطلة والتي هم بُرءاؤا منها كبراءَة الذئب من دم يوسف، ونمقوا عباراتهم بخطاب الناصح الأمين فصدقهم ضعاف النفوس، وعملوا على وصاياهم في سد طرق الإنفاق في سبيل الله، وهم بذلك يقتفون أثر أسلافهم من المنافقين حيث لم تستطع نفوسهم أن تصمد أمام ما يرونه من ذلك الإنفاق السخي على أهل الفقر والفاقة ممن هم حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبانوا عما يختلج في نفوسهم وبكل صراحة ووقاحة فقالوا فيما حكى الله عنهم: ((هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا .... )).

قال سيد قطب في الضلال: وهي قولةٌ يتجلى فيها خبث الطبع،ولؤم النحيزة. وخطة التجويع التي يبدو أن خصوم الحق والإيمان يتواصون بها على اختلاف الزمان والمكان. (ثم قال) ذلك أنهم لخسة مشاعرهم يحسبون لقمة العيش هي كل شيءٍ في الحياة، كما هي في حسهم فيحاربون بها المؤمنين.

إنها خطةُ قريش وهي تقاطع بني هاشم في الشعب لينفضوا عن نصرةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسلموه للمشركين!

وهي خطة المنافقين كما تحكيها هذه الآية لينفض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه تحت وطأت الضيق والجوع!

وهي خطة الشيوعيين في حرمان المتدينين في بلادهم من بطاقات التموين، ليموتوا جوعاً أو يكفروا بالله، ويتركوا الصلاة!

وهي خطة غيرهم ممن يحاربون الدعوة إلى الله بالحصر والتجويع ومحاولة سد أسباب العمل والارتزاق.

وهكذا يتوافى على هذه الوسيلة الخسيسة كل خصوم الإيمان، من قديم الزمان، إلى هذا الزمان .. ناسين الحقيقة البسيطة التي يذكرهم القرآن بها قبل ختام هذه الآية:

((ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون)) أهـ بتصرف يسير.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير