ـ[سليمان داود]ــــــــ[17 Jun 2004, 09:35 م]ـ
تأكيدا لما تفضل به الأخ أبو مجاهد
فقد قرأت هذه اللمسة البيانية التي سأوردها الآن
وحسب ماجمعته ذاكرتي لأنني نسيت المصدر
(يكون ويكن) معناهما معروف, ولكن لماذا تحذف النون الأصلية أحيانا, وما البلاغة فيها؟
قال الله تعالى عن مريم (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً)
وكذا عندما نفى الله الشرك عن إبراهيم الخليل عليه السلام فقال (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وآيات أخرى كثيرة
خذف النون يدل على نقصان في معنى الكلمة, فإذا سبقها حرف نفي اقتضى ذلك نفي المعنى بكل وجوهه وصوره وأشكاله
ففي قصة مريم: جاءها جبريل عليه السلام وبلغها بحكم الله تعالى أنها ستلد عيسى عليه السلام بلا أب, فقالت وقد نزل بها
الهم والغم (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً قَالَ كَذَلِكِ). إذ كيف يحدث مثل هذا, ولم يمسسني بشر, ولا
يحصل الحمل إلا بالجماع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " العين تزني وزناها النظر, والأذن تزني وزناها السمع,
واليد تزني وزناها البطش, والفرج يصدق ذلك أو يكذبه".
فنفي أدنى مراتب الزنى يقتضي نفي الجماع. ويقتضي كذلك الطهارة الكاملة، لذا نفت مريم عليها السلام أدنى المراتب
بقولها (ولم أك بغيا) فنفت أقل مراتب الكون من البغاء, وكيف ولم أنظر إلى رجل نظر شهوة ولا كلمت أحدا غزلا, ولم
يمسسني بشر, فكيف أحمل بمولود؟؟ فوافقها جبريل على كل ما ذكرته من طهارتها ونقاوتها فقال (كذلك).
وأما في حق إبراهيم عليه السلام فقد قال الله تعالى (ولم يك من المشركين) فنفى عنه أدنى مراتب الشرك ومقدماتها,
كيف وهو الذي أراد ذبح ابنه بعد بلوغه تقربا إلى الله تعالى وتصفية لقلبه من كل شيء إلا من حبه وعبوديته
فسماه الخليل (وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً)