مناقشة حول العلو الحسي مع الأخ هيثم ( http://www.al-razi.net/vb/showthread.php?s=&threadid=600)
ـ[أبو علي]ــــــــ[16 Jun 2004, 10:15 ص]ـ
إذا قال قائل إن إبراهيم عليه السلام هو الذي مر بتلك التجربة في صباه ليصل إلى اليقين، هل يعتبر هذا القول مناقضا لقول الله عن إبراهيم (وما كان من المشركين)؟
نبحث في هذه المسألة بحكمة لعلنا نصل إلى ما يزيل هذا الإشكال.
هل كلف الله الطفل الذي لم يبلغ الحلم أم كلف البالغ؟
مثلا: توفي رجل مسلم، وكان هذا الرجل ملتزما بأداء واجباته الدينية إلا أنه لما كان عمره 10 سنوات لم يكن يصوم رمضان.
هل يصح أن يقال عن هذا الرجل أنه كان من المفطرين في رمضان؟
لا يصح ذلك لأنه لم يكن قد بلغ سن الرشد.
مثلا: لو أن طفلا كان أبواه نصرانيين يأخذانه معهما إلى الكنيسة ويأمرانه أن يقول: باسم الآب والإبن والروح القدس، هل يحاسب الله هذا الصبي على هذا ويعتبره من المشركين وهو لم يستو إدراكه؟
فلو أن هذا الطفل قرأ كتبا إسلامية فأسلم في السنة الثانية عشر من عمر ه وعاش مسلما وتوفي مسلما عن عمر يناهز 70 سنة.
هل يصح أن يقال عن هذا الرجل أنه كان مشركا فأسلم؟
كلا، لو أنه أسلم بعد أن بلغ الحلم لصح أن يقال عنه: أسلم بعدما كان من المشركين.
فسيدنا إبراهيم لم يصدر منه أدنى شرك فيما كان منه مع الكوكب ومع القمر ومع الشمس فهو اشترط في الربوبية عدم الأفول، فهو لم يسلم بربوبية كل من الأجرام الثلاثة ابتداء وإنما يفهم من كلامه أن قال:
هذا ربي إذا لم يأفل بدليل قوله بعد ذلك: لا أحب الأفلين.
وقد يكون جلس مراقبا الكوكب في الليل عدة ساعات حتى أفل الكوكب، فهل جلس قومه معه ساهرين الليل يراقبون الكوكب؟
لماذا ذكر الله قصة إبراهيم مع ملكوت السماوات والأرض ليكون من الموقنين؟
لأن الذي يدافع عن قضيته ويدعي أنه على صواب لا يفعل ذلك ويأتي بالبراهين والحجج إلا لأنه (موقن) أنه على حق.
إذن فالمجادلة والمقارعة بالحجة تتطلب مؤهلات ورصيد من العلم.
فقبل أن يحاجج لا بد من توفر المؤهلات.
فالمؤهلات التي يجب أن تتوفر في إبراهيم هي أن يكون عنده (اليقين) واثقا من نفسه ومن قضيته الإيمانية، فإا توفرت فيه هذه الشروط فليحاجج من يشاء من المشركين.
فجاء ذكر ذلك بالترتيب هنا في سورة الأنعام.
أما اليقين فهو قوله تعالى: وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين، إلى قوله تعالى: إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين).
وبعد هذا الرصيد اليقيني فليحاجه من يشاء، فجاءت الآية بعد ذلك تقول: وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ..... ).
إذن فقوم إبراهيم حاجوه في ربه بعد أن خرج عليهم مرددا ذلك اليقين: إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين)، هنا حاجوه بأحقية عبادة الأصنام وأنهم وجدوا أباءهم لها عابدين ... إلى آخره.
إذن فكلما ذكر الله لنا في القرآن محاجة قوم إبراهيم إلا ونبه قبل ذلك على مؤهلاته اليقينية، ففي سورة الأنبياء قبل الدخول في سرد مقارعة إبراهيم لقومه بالحجة نبه على مؤهلات إبراهيم اليقينية بقوله: ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين) فالرشد هو ذلك اليقين الذي سبق ذكره في سورة الأنعام من الآية 75 إلى الآية 79، وباليقين يتبين الرشد من الغي.
خلاصة القول:
الآيات 76 إلى الآية 79 تعتبر شرحا للكيفية التي أصبح بها إبراهيم عليه السلام من الموقنين، فهو أسوة حسنة ضربه الله مثلا للإنسان الذي يبحث عن الهدى بالفطرة.
ـ[أبو علي]ــــــــ[17 Jun 2004, 10:16 ص]ـ
إبراهيم عليه السلام لم يظن أن الكوكب أو القمر أو الشمس يمكن أن يكون أحدهما ربا وإنما وضع شروطا لقبول ربوبيته وهي عدم الأفول. ومن ظن أن إبراهيم اعتقد أن الكوكب ربه فقد ضل عن الصواب.
وإبراهيم عليه السلام هو المثل الذى أمر الله الناس أن يقتدوا به للوصول إلى اليقين، والله تعالى يقول: قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) والآيات كثيرة
التي يأمر الله فيها الناس أن يتأملوا آياته في السماء والأرض ليصلوا إلى اليقين.
وهذا ما فعله إبراهيم بفطرته السليمة فاستحق أن يكون أسوة حسنة للإنسان مطلقا.
¥