تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإن أجاز ذلك، صار إلى الإقرار بأنه إما معه، أو إلى أنه يقعده، والله للعرش مباين، أو لا مماسّ ولا مباين، وبأيّ ذلك قال كان منه دخولا في بعض ما كان ينكره.

وإن قال: ذلك غير جائز؛ كان منه خروجا من قول جميع الفرق التي حكينا قولهم، وذلك فراق لقول جميع من ينتحل الإسلام، إذ كان لا قول في ذلك إلا الأقوال الثلاثة التي حكيناها، وغير محال في قول منها ما قال مجاهد في ذلك) انتهى كلامه رحمه الله.

[تفسير الطبري (15/ 51 - 54) ط هجر].

وبديهي، أبا اللمع، أن الطبري لا يصحح هذه الأقوال المتعارضة كلها، ولا يلزمه أن يقول بها كلها، وإن كان يلزمه قول واحد منها، لا يعنينا الآن تعيينه!!

فما الذي دفعه إلى تقرير صحة قول مجاهد على المذاهب جميعا، إذا؟!

ليس إلا تقرير قوله، والمناقضة على خصومه.

وفي مقام الجدل، ربما يتسعين المناظر، أو الجدلي، بما لا يلتزمه، بل ولا يرى صحته أصلا. [راجع الكافية في الجدل، لإمام الحرمين، وما شئت من كتب الجدل].

وأوضح مثال، وأظهره في تطبيق هذه الآلية [واسمح لي بشيء من مفرداتك، أو نحوها]، هو من عندكم أنتم؛ وأعني به حجة الإسلام: أبا حامد الغزالي، في كتابه الشهير: تهافت الفلاسفة؛ فهل قرأته، أبا لميعة؟!!

اسمعه يقول في أوائله:

(ليُعْلم أن المقصود تنبيه من حسن اعتقاده في الفلاسفة، وظن أن مسالكهم نقية عن التناقض، ببيان وجوه تهافتهم؛ فلذلك أنا لا أدخل في الاعتراض عليهم إلا دخول مطالب منكر، لا دخول مدع مثبت؛ فأبطل عليهم ما اعتقدوه مقطوعا، بإلزامات مختلفة؛ فألزمهم تارة مذهب المعتزلة، وطورا مذهب الواقفية، ولا أنتهض ذابا عن مذهب مخصوص؛ بل أجعل جميع الفرق إلبا واحدا عليهم؛ فإن سائر الفرق ربما خالفونا في التفصيل، وهؤلاء يتعرضون لأصول الدين؛ فلنتظاهر [أي: نتعاون] عليهم؛ فعند الشدائد تذهب الأحقاد!!).

[مقاصد الفلاسفة (82 - 83) ط سليمان دنيا].

أبا (لُمَيْعة):

أما زلت يقظا يا صاحبي؟ أما زلت مصرا على ضم الإمام الطبري إلى فريقك؟!

أبا لَمْع!!

لعل الذي يعنينا الآن هنا: أين تراه هنا قد انتحل قولكم المتناقض: لا داخل ولا خارج، لا مماس ولا مباين؟!!

أبا لَمْع:

هل توافق الطبري على صحة قول مجاهد: (يجسله معه على عرشه)!!

أبا لَمْع:

إنه يزعم ـ سامحه الله ـ أن ذلك لازم لقول جميع منتحلي الإسلام، وأن من نفى صحة ذلك، فقد خرق إجماع منتحلي الإسلام؟!!

أبا لَمْع:

أتوافقه على أنه لا دليل من الخبر (النقل)، ولا النظر (العقل) على بطلان ذلك؟!

أجب عن السؤال السابق بـ (نعم) أو (لا)!!

أبا لَمْع:

ضع علامة ((صح ـ مش عارف بتيجي من اين على اللوحة)) أمام العبارة التي تعجبك!!

وضع علامة ((خطأ)) أمام العبارة التي لا تعجبك!!

فإن كنت لا (تُحْلي ولا تُمِرّ)، ولا (تدري هِرًّا من بِرّ)، فلن تراع يا صاحبي، فـ (ابصم) وأقر، و: (هُمَا أمرَانِ، أحلاهُما مُرُّ)!!

ثم كان، يا ما كان، أن ذكر أحد القراء الكرام، دراسة المسكين عن الطبري؛ حتى ثارت ثائرة المسكين، وكأنما نكأ به جرحا ناغِرا، أو بَضَّ له دملا، قد أوشك على الانفجار، فلم يكتف بالطعن في الدراسة، واستحقاق صاحبها، حتى مال بغارته العمياء، على أساتذته الأجلاء:

(للأسف الشديد هذا التساهل الحاصل في منح التقديرات العالية والامتياز، أخل بشدة بمستوى الطلبة، وبالتالي انعكس ذلك على مستوى الأساتذة الذين نالوا تلك الشهادات من غير استحقاق، فانعكس ذلك بدوره على مستوى طلبتهم، وهذا يفسر ضعف مستويات الكثير من الرسائل الجاميعة التي حقها أن تُرفَض لما فيها من إخلال بالمنهج العلمي الذي يتعلق بالمضمون، لا بمجرد الشكل ....

وفي هذه الحالة فشخصية كالإمام الطبري لها من الأهمية الكبيرة ما يجعل البعض يحاول تقديمها في شكل مغالط لضمها في جانبهم، وإن اقتضى ذلك الخروج عن الموضوعية العلمية وطرح القضايا بشكل مزيف أو تحريف الأفكار عن مسار اختيار صاحبها أصلا، وما على المناقشين إلى المباركة والقبول وإسداء الامتياز، يا للفضيحة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير