وقد تتبعت الرسالة المذكورة للطلب المسمى طه محمد نجار رمضان، والخلاصة عندي أنه لا يستحق نيل الشهادة أصلا لما فيها من النقص الواضح في دراسة كثير من آراء الإمام الطبري الكلامية، وتقديم البعض الآخر بصورة مغلوطة لخدمة غرض مذهبي لا أكثر ولا أقل).
أبا اللُمَع؛
حنانيك يا صاحبي، حنانيك، وأذنيك، وقذاليك!!
ما كل هذه القسوة على المسكين؟!
أما كان يكفيك أن تنبه على خطأ صاحبك، أو ضلاله، وكنت تستغني به عن كل هذه الزيادات؟!!
أما سمعت أبا حيان يقول عن نفسه، في بعض مسائله:
(وأتبعتُ المسألةَ من تنقص الإنسان، وذمه، وتوبيخه، ما أستغني عن إثباته)!! [الهوامل والشوامل (26)].
لكنه مع ذلك، عاد إلى التنطع في بعض مسائله، مرة أخرى، ولم يزجره تأديب صاحبه له، فعاد مسكويه ـ مرة أخرى ـ ليقول له:
(هذه المسألة التي ذنَّب فيها صاحبها بمسائل أعظم منها، وأبعد غورا، وأشد اعتياصاً، وأصابه فيها ما كان أصابه قبل في مسألة تقدمتها!!
فظهر لي في عذره أنه داء يعتريه، ومرض يلحقه، وليس من طغيان القلم، ولا سلاطة الهذَر، ولا أَشَر الاقتدار في شيء، كما أنه ليس من جنس ما يستخف المتكهنَ عند الكِهانة، ولا من نمط ما يعترى المتواجد من الصوفية، وما أحسبه إلا من قبيل المس والخبل، والطائف من الشيطان، الذي يُتعوذ بالله منه؛ فلقد أطلق في سجاعته القافية بما تسد له الآذان، وتصرف عنه الأبصار والأذهان!!
ولولا أنه اشتكى إلى الله تعالى في آخرها من سطوات البلوى، فاعترف بالآفة، واستحق الرأفة لكان لي في مداواته شغل عن تسطير جواباته!!) [الهوامل والشوامل (56 - 57)].
أبا لُمَيْعَة؛
من ذا الذي طلب رأيك، واحتكم إليك في شأن الدرجة التي منحتها الجامعة لصاحبك؟
ما اَنْتَ بالحَكَم التُّرْضَى حُكُومَتُه * ولا الأَصِيلِ ولاَ ذِي الرَّأْيِ والجَدَلِ
فوارحمتاه لك، لو علمت أيها المسكين، أنها منحته بعدها (الدكتوراه) بتقدير ... ، وفي أي موضوع؟!!
قريبا تراه إن شاء الله، سُخْنةً لعينك، وشجىً في حلقك!!
فإذا رأيت ذلك، وهاجت عليك مرتك الصفراء والزرقاء، وفسدت أخلاطك، وكنت قد عرفت شيئا عن (دون كيخوته)، لسيرفانتس، فامتطيت حصانك الغاب، وامتشقت حساما من الأخشاب، لتجعل جامعة القاهرة كوما من تراب!!
فآذني، يا أُخيي، فأنا بك شفيق، وعليك رفيق؛ وأنا زعيم بأن أبحث لك عن أوهى ثُلْمة في جدارها، فلعلها أن تكون أرفق برأسك عند النِّطاح:
كناطحٍ صخرةً يوماً ليَفْلِقَها ... فلم يَضِرْها وأَوْهَى قَرْنَه الوَعِلُ
فدع هذا، وعد بنا إلى شيء من الجِد، يا أبا اللمع!! مع تدقيقاتك الكلامية البديعة، وحيثيات حكمك على المسكين، بأنه لا يستحق نيل الشهادة أصلا؟!!
قال أبو لُميْعة، أصلحه الله:
(وسأكتفي هنا بضرب مثال واحد على عدم استحقاق تلك الرسالة نيل الشهادة أصلا، فضلا عن طباعتها .... ، وإلا فالأمثلة كثيرة جدا.
قال الطالب في ص 137 من الرسالة المذكورة عند تعرضه لعرض الدليل العقلي الذي سلكه الإمام الطبري لبيان حدوث العالم وافتقاره إلى محدِث واحد هو الله تعالى:
" ثم ينتقل بعد ذلك إلى الخطوة الثالثة من استدلاله، بعد أن قرر أن كل ما في العالم لا يخلو من الحدَث، ليقرر أن (ما لم يخل من الحدث لا شك أنه حادِث).
ثم قال الطالب: ولا يُعنَى ابن جرير عند هذه النقطة بالتدليل على أن ما لم يخل من الحوادث أو يسبقها فإنه محدَث، شأن من يعنى بهذا الدليل، وإنما غاية ما نجده ثَمَّ أن يقرر أنه محال أن يكون شيء يُحدِث شيئا إلا ومحدِثُه قبله. (أصول الدين عند الإمام الطبري، ص137)
التعليق: [التعليق لأبي لميعة الثاني (أعني: أبا عبيدة، فكن على ذُكْر، أيها القارئ]
(عجبا للمشرف والمناقشين كيف يتركون هذا الكلام يمر مرّ الكرام.
ومرور هذا الكلام دال على أحد الأمرين:
ـ إما الجهل بمسائل علم الكلام، وهذا لا يليق بمن ينصب نفسه مشرفا أو مناقشا.
ـ وإما المشاركة في تزييف الحقائق بشكل مفضوح.
¥