§ حديث أب هريرة رضي الله عنه، عند أحمد وأصحاب السنن: إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لصاحبها حتى غفر له، وقد أجمع أهل العد على أن سورة تبارك (وهي المقصودة في هذا الحديث)، ثلاثون آية، بدون البسملة.
ثالثا: واستدل أصحاب الرأي الرابع بـ:
حديث أبي داود: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السور إلا بالبسملة، وقد رد عليهم المخالفون بعدة ردود من أبرزها:
§ أنه لو كانت، كما يقولون، للفصل بين السور لأثبتت بين الأنفال وبراءة، ولم أثبتت في أول الفاتحة، لعدم الحاجة إلى الفاصل، لأن الفاتحة لم تسبق بشيء.
§ وأنه كان من الممكن الإستغناء عن الفصل بها بالفصل بتراجم السور، (أي أسماؤها)، كما حدث في الفصل بين الأنفال وبراءة.
والراجح من هذه المناقشة، أن البسملة ليست آية من القرآن، لا من الفاتحة، ولا من بقية السور، ومن أجمع ما قيل في هذه المسألة، قول ابن العربي رحمه الله: يكفيك لإثبات أنها ليست قرآنا أنهم اختلفوا في إثباتها، والقرآن لا يختلف في إثباته، والله أعلم.
وقد توسط الشنقيطي رحمه الله، في "مذكرة في أصول الفقه"، فقال بأنه من المحتمل أن تكون البسملة آية في قراءة، وليست آية في قراءة أخرى.
مسألة: هل يجب قراءتها مع الفاتحة:
والخلاف في هذه المسألة، فرع على الخلاف في المسألة السابقة:
¨ فمن ذهب إلى أنها آية من الفاتحة، قال بوجوب قراءتها.
¨ ومن ذهب إلى أنها ليست آية من الفاتحة، قال بأن قراءتها، غير واجبة، بل هي مندوبة، واستدل أيضا بـ:
§ حديث عائشة رضي الله عنها: كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين.
§ حديث أبي هريرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض في الركعة الثانية، افتتح القراءة (الحمد لله رب العالمين) ولم يسكت، وقد أجاب الألباني رحمه الله، في معرض رده على من قال بأن الإستعاذة لا تكون إلا في أول ركعة، على هذا الحديث، بأن المراد بقوله (لم يسكت)، السكوت المتعلق بالإستفتاح فقط، فلا إستفتاح إلا في الركعة الأولى فقط، دون السكوت المتعلق بالإستعاذة والبسملة، والله أعلم.
مسألة: هل يجهر بها أم لا؟
اختلف فيها على قولين:
الأول: أنه يجهر بها فيما يجهر به (أي في الصلوات الجهرية مكتوبة كانت أو نافلة)، واستد أصحاب هذا الرأي بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنه صلى بأصحابه فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن، وقال: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أجيب عن هذا الحديث بعدة إجابات من أبرزها:
§ أن الحديث متكلم فيه، وقد ضعفه الألباني رحمه الله.
§ أن قوله (إني لأشبهكم)، لا يعني المطابقة التامة.
§ أنه يحتمل أن أبا هريرة رضي الله عنه، جهر بقصد تعليم أصحابه، كما جهر ابن عباس رضي الله عنهما في صلاة الجنازة، وكما جهر عمر رضي الله عنه بدعاء الإستفتاح، قال يزيد بن الأسود رضي الله عنه: (يسمعنا ويعلمنا).
وجدير بالذكر في هذا الموضع، أن الجهر بالبسملة، هو مذهب الرافضة، حتى أن سفيان الثوري رحمه الله وغيره من الأئمة يذكرون في عقائدهم ترك الجهر بالبسملة، وقد تكلم في الشافعي رحمه الله بسبب موافقته للرافضة في هذه المسألة، وفي مسألة قنوت الفجر، والواقع أن هذا لا يؤخذ على الشافعي رحمه الله بأي حال من الأحوال، بل إنه يدل على تحري أهل السنة والجماعة، موافقة الحق (فيما يبدوا لهم)، وإن وافق رأيهم في هذه المسألة، رأي بعض المبتدعة، كما أكد على ذلك شيخ الإسلام رحمه الله، ومن أمثلته أيضا موافقة مالك رحمه الله، في المشهور عنه، للرافضة في منع المسح على الخفين في الحضر، وموافقة أحمد رحمه الله للرافضة، في إستحباب متعة الحج، والله أعلم.
الثاني: لا يجهر بها، واستدلوا على ذلك بحديث أنس رضي الله عنه، قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان، وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم.
¥