تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي ترديد المسلم الثناء على الله باستمرار في اليوم هو احياء له ليصبح العرفان بالجميل من صفاته فيشكر كل من احسن اليه ولا يقابله بالجحود والنكران. ( .. رب العالمين .. ) الرب: يطلق على السيد المطاع وعلى المصلح للشيء، ويجوز ان يكون مصدرا بمعنى: التربية، وهي تبليغ الخلق الى كمالهم شيئا فشيئا منذ كانوا ترابا الى ان بلغوا اشدهم في ابدع صورة وحسن تقويم ..

( .. العالمين .. ) جمع عالم، وهو الخلق وكل صنف منه، وكل موجود سوى الله وهو يشمل عالم الانسان وعالم الحيوان وعالم النبات وعالم الجماد. والمتأمل هنا يرى ان الله لم يقل: ( .. خالق العالمن .. ) كي لا يظن بعض الناس بان المخلوقات ليس في حال بقائها ووجودها محتاجة الى الله، بل قال: ( .. رب العالمين .. )

اشارة الى الكائنات بحاجة مستمرة الى قدرة الله وتدبيره وحكمته. ويستفاد من كلمة ( .. رب العالمين .. ) بان الله ليس رب شعب معين كما يعتقد اليهود كما انه ليس اله اسرة او بلد، فالله رب الجميع، هذه الفكرة التي قررها القرآن هي ثورة على جميع التقسيمات الباطلة التي ادت الى طغيان الوطنية والجنسية والالوان، ولا ريب ان هذه الدعوة مدعاة للالفة والتقارب بين البشر ..

وفيها الدعوة الى الرحمة ويستفاد ذلك من قوله تعالى:) .. الرحمن الرحيم .. ) وقد جاء هذا الوصف لله بعد قوله ( .. رب العالمين .. ) لحكمة سامية وذلك ان المربي قد يكون جبارا قاسيا وذلك مما يخدش من جمال التربية فاتبع كونه مربيا وصفه بالرحمة لينفي هذا الاحتمال فيبقى للقلوب طمأنينتها ويقبل الناس على اكتساب مرضاته منشرحة صدورهم مفعمة قلوبهم بالحب. وفي تكرار وصف الله بالرحمة تأكيد لمعنى سام وهو ان الاسلام دين تقوم فضائله ونظمه على الرحمة، فالمسلم حين يعبد ربه ويذكر صفاته: ( .. الرحمن الرحيم .. ) مرارا في الليل والنهار لابد ان يتأثر بهذا الوصف فتصبح الرحمة من صفاته فلا يظلم ولا يعتدي ولا يطغى على الخلق. وفيها الوعد للمحسنين والوعيد للمسيئين ويستفاد ذلك من قوله تعالى: ( .. مالك يوم الدين .. ) فالله اراد بيوم الدين: يوم القيامة، أي يهيمن على يوم القيامة هيمنة الملوك، فكل تصرف فيه ينفذ باسممه ليس لغيره امر ولا نهي. فذكر هذه الصفة لله هي انذار للعصاة والمذنبين بالكف عن ذنوبهم وعصيانهم خوفا من الحساب، كما في ذكر هذه الصفة تشجيع للمحسنين بالمكافأة الحسنة على افعالهم، فالله هو القائل في القرآن، ( .. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره .. )

وهذا مما يجعل الانسان رقيبا على اعماله باستمرار. والاعتقاد بالحساب العادل يوم القيامة بلسم للمعذبين في الارض فان آلام الانسان لا تخرج عن كونها من الناس او من الله , فان كانت من الناس فالله سبحانه وعد بان ينتصف للمظلومين من الظالمين يوم القيامة، وان كانت من الله فالله وعد بالثواب الجزيل والفضل الكبير جزاء ما يصيب الانسان الصالح في الدنيا من المكروهات. وفيها مفهوم العبودية لله وحده ويستفاد ذلك من قوله تعالى: ( .. اياك نعبد واياك نستعين .. )

والمعنى: اللهم لك نخضع، واياك نعظم اقرارا لك بالربوبية لا لغيرك، واياك نطلب المعونة على عبادتنا وطاعتنا لك في امورنا كلها. وتأمل كيف قدم الله ذكر نفسه بقوله: ( .. اياك نعبد .. ) لينبه العابد على ان المعبود هو الله الحق، وهو المستعان وحده، فلو قال المؤمن نعبدك، ونستعينك لم يفد نفي العبادة والاستعانة بغير الله ( .. الحمدلله رب العالمين .. ). وفي ذكر هاتين الصفتين: عبادة الله والاستعانة به وحده كان الله وحده هو المعبود وهو المستعان فقد تخلص الضمير الانساني من استغلال الدجالين والمرتزقة كما تخلص من الخرافات التي تقعد النفس عن العمل والاخذ باسباب الحياة الصحيحة. وفيها الدعوة الى الاستقامة ويستفاد ذلك من قوله تعالى: ( .. اهدنا الصراط المستقيم .. ). فالهداية هي الدلالة بلطف، والصراط: هو الطريق، والمستقيم: هو الذي لا اعوجاج فيه، واقرب مسافة بين نقطتين. والصراط المستقيم: هو الطريق الحق الذي يوصلنا الى سعادة الدنيا والاخرة والذي يشمل العقائد والاداب والاحكام التي امرنا بها الله على يد الاسلام ( .. فالاسلام شريعة الصراط المستقيم .. ). وفي طلب المسلم للاستقامة باستمرار هو تركيز لا شعوري واحياء للنفس على الاستقامة التي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير