تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

جوانب ثلاثة: أولاً: القرآن معجزة لغوية، ثانياً: الإعجاز العلمي، ثالثاً: الإعجاز التهذيبي الإصلاحي الاجتماعي، ولما بدأ يكتب عن الجانب الأول: القرآن معجزة لغوية، قال إنه سيأخذ الموضوعات التالية: أولاً: القرآن في قطعة قطعة أي فقرة فقرة، ثانياً: القرآن في سورة سورة، ثالثاً: القرآن بين السورة والسورة، رابعاً: القرآن وحدة تامة، فكتب من هذه الموضوعات الأربعة موضوعين اثنين فقط: القرآن في فقرة فقرة، والقرآن في سورة سورة، وحدثنا عن بعض فقرات القرآن اختارها لنا واختار لنا سورة البقرة، درسها دراسة جيدة، لكن الموضوعين الأخريين لم يكملهما، ثم البابين الثاني والثالث أيضاً – بالطبع - لم يكتب عنهما شيئاً، هذا كله – في حقيقة الأمر - جعلني أفكر في كتاب موسوعي إعجازي. الرافعي رحمه الله ذكر لنا أنموذجاً إعجازياًّ من كتاب (سر الإعجاز) الذي لم يظهر في كتابه: إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، وكان الإعجاز يتعلق بآية في سورة الكهف (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) لماذا جاءت (الواو) في سبعة وثامنهم، ولم تأت في ثلاثة وخمسة، فقال (رابعهم، سادسهم) ولم يقل (ورابعهم، وسادسهم)، فقال هذا مما سنكتبه في (سر الإعجاز). وأنا لما قرأت كثيراً من كتب الإعجاز وجدت أنها كان ينقصها أمران اثنان: الأمر الأول - وهو في الكتب القديمة - كان ينقصها يسر الأسلوب لأنها كتبت لأناس غيرنا كانوا قبلنا يفهمون هذا الأسلوب الصعب، والأمر الثاني: كان ينقصها الدراسة العملية للآيات، لا أقول كانت دراسة إنشائية ولكن أقول دراسة وصفية، وكتاب الأستاذ الرافعي (إعجاز القرآن والبلاغة النبوية) كان كذلك، لذلك هو وعد بكتاب (سر الإعجاز) ليكون دراسة عملية، وأنا في هذا الكتاب (إعجاز القرآن المجيد) حاولت أن أتلافى هذه جميعها، وأن يكون هذا الكتاب أمام الدارسين سواء كانوا من المتخصصين أم المثقفين، ولذلك أسميته (إعجاز القرآن المجيد، عرض ونقد وتجديد) ففيه موضوعات ثلاثة:

العرض: وأعني به ما كتب بجهود العلماء قديماً وحديثاً في الإعجاز في فصلين أو بابين: الباب الأول لجهود العلماء قديماً، حيث أعطي فكرة عن كتابتهم بحيث يستغني بها القارئ عن الرجوع إلى هذه الكتب، والباب الثاني في الدراسات الحديثة. هذا هو القسم الأول وهو العرض. أما النقد، فهو تقويم لهذه الكتب قديمها وحديثها ومالها وما عليها، وسبب هذا أنني وجدت أن كثيرين ممن كتبوا عن هذه الكتب ظلموا أصحابها، فكان لابد من أن نرجع الحق إلى نصابه. وهناك دراسات نوافق أصحابها في بعض ما ذهبوا إليه، ومن هنا كان القسم الثاني هو النقد، وهو دراسة موضوعية لهذه الجهود بأمانة. والقسم الثالث – وهو الأهم - التجديد، وهذا التجديد ناشئ عن دراسة عملية لكثير من آيات القرآن، بمعنى أنني لم أعتمد الدراسة الوصفية مثل كثير من الكتب السابقة، كقولك: إن القرآن معجز لأن فيه عاطفة وفيه لغة ... إلخ، بل حاولت أن يكون جلّ هذه الدراسة دراسة ميدانية ليشعر القارئ – فعلاً – أن هذا هو الإعجاز، وقد تحدثت فيه عن الإعجاز البياني وهذا هو الأصل، وقد كتبت جلّه في البيان القرآني، وجلّ هذه الدراسة الميدانية مما لم أسبق إليه، وما سبقت إليه أشير إليه، فمثلاً، جاء في القرآن الكريم في الأنفال (سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب) بينما جاء في سورة الحشر عن بني النضير (وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم)، فالقرآن لما قال (سألقي) كان الحديث عن بدر، وقريش وأهل مكة حينما جاءوا لبدر كانوا في العراء في الصحراء، ومن هنا هم ليسوا بحاجة إلى شيء كثير من القوة، ولذلك قال (سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب) إلقاءٌ فقط، بينما بنو النضير كانوا متحصّنين، بل إن المسلمين كانوا يظنون بأن حصونهم ستكفيهم، وهم كانوا متأكدين بأن حصونهم ستمنعهم من المسلمين، ولذلك نقرأ هذا في قول الله تعالى عن المسلمين (ما ظننتم أن يخرجوا) أما بنو النضير فكانوا متيقنين من عدم خروجهم وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله، فالقرآن الكريم لم يعبّر هنا بالإلقاء وإنما بالقذف، والقذف هو الضربة القوية بشيء قوي. فحينما تُطلع القارئ على هذه الأسرار في الكلمات القرآنية، في التعبير القرآني، في الجملة القرآنية، لا شك أنك

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير