تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- قضية القرآن قضية حساسة، ليس لهذه الدنيا راحة إلا حينما تلجأ إلى ظله وتتأدب بمأدبته، هذا بالنسبة للدنيا كلها، أما المسلمون فلن يتفيئوا ظلال الخير ولن يذوقوا طعم الهناء، ولن يشعروا بحلاوة العز إلا إذا عادوا إلى هذا القرآن كما كانوا من قبل. كان التعليم قبل القرن الماضي تعليماً يشتمل القرآن وغيره، فكنت تجد أن كثيرين من الناس حتى من غير المسلمين من ذوي الأريحية وذوي الوطنية حينما يتكلمون أو يكتبون تجد لهم أسلوباً رفيعاً، وما ذلك – حينما تسأل - إلا لأنهم كانوا يحفظون القرآن من صغرهم. مكرم عبيد – مثلاً – المحامي المصري المشهور من الأقباط، سل عنه كيف كان حينما كان يخطب أو يتكلم، وفارس الخوري الذي كان مندوب سوريا في هيئة الأمم المتحدة في سنة 1948، سل عنه، هؤلاء كانوا يحفظون ويحضرون دروس العلماء المسلمين، ثم بعد ذلك خلف خلف أضاعوا هذا كله. عندنا الآن جمعيات كثيرة للمحافظة على القرآن الكريم في تعليم الصغار، نحن كان عندنا كتاتيب فقبل أن يذهب الطالب إلى المدرسة الرسمية يدرس في الكتاتيب ويتعلم فيها أصول القراءة والكتابة ويتعلم القرآن، لقد كانت خيراً ثم ذهبت. لا بد الآن حينما نود أن نعلم الناشئة القرآن الكريم أن نعلمهم: ما هذا القرآن؟ مع ما نعطيهم من أحكام التجويد لا بد أن نبين لهم عظمة هذا القرآن وأنه السر الذي لا بد أن ندركه ونفهمه حتى نستطيع أن نسترجع حياتنا الفاضلة الكريمة، ولا بد أن يتواصى علماء المسلمين في العالم بذلك، وفي ظني أنه يجب أن ندع الإسلام الرسمي الآن، وأنه لا بد للقائمين على هذه الجمعيات في بلاد إسلامية كثيرة أن يتداعوا للقاء سنوي أو أكثر أو أقل، وأن يتدارسوا فيما بينهم كيف يمكن أن نتقدم بطلبة العلم مرحلة أخرى تتجاوز تعليمهم الأحكام والقراءة والنطق بالحروف، أي علينا أن نتدارس كيف يمكن أن يكون هذا القرآن حياتهم الوجدانية والعاطفية والفكرية، هذا ما نريده حقيقة، حتى لا يصدق علينا ما جاء في بعض الآثار: أنتم الآن تقيمون حدود القرآن وسيأتي بعدكم قوم يقيمون حروفه ويهملون حدوده – نحن نرجو أن لا نكون من هؤلاء – ومن هنا أقول: هذا واجب على علماء المسلمين وهؤلاء المسؤولين، صحيح أنه ستكون عوائق، لكن ينبغي أن نتغلب على هذه العوائق بقدر ما نستطيع، وأظننا إن أردنا ذلك وصدقنا الله في هذا فسيهيئ الله لنا اليسر حتى نؤدي رسالة القرآن الكريم. نحن لا نستطيع – في واقع الأمر – أن نحلّ مشكلاتنا الكثيرة من سياسية وعسكرية وغيرها وخاصة الآن حينما كشّر لنا الأعداء عن أنيابهم إلا حينما نهرع إلى هذا القرآن ونحتمي به ليحمينا ونهتدي به ليهدينا ونعتز به ليعزّنا الله تبارك وتعالى.

* الفرقان: سيصدر لكم - بإذن الله – كتاب بعنوان " إعجاز القرآن المجيد عرض ونقد وتجديد " ماذا يميزه عن كتب الإعجاز الأخرى؟ وماذا يضيفه إلى المكتبة الإسلامية؟

- د. فضل: حينما أكتب أبحث في السوق وفي المكتبات، فإن وجدت ما يغني عن كتابي، أو ما هو خير منه لا أكتب، أنا لا أكتب إلا إذا وجدت أن هناك ضرورة للكتابة. كتبت كتاب " إعجاز القرآن الكريم " وكان مدرسيّاً للطلاب، ولكن وجدت أن هناك حاجة ماسة لموسوعة إعجازية، ولذلك كانت فكرة كتاب (إعجاز القرآن المجيد) تنبع من هذا. الأستاذ مصطفى صادق الرافعي – رحمه الله – كان أول من كتب كتاباً في الإعجاز في العصر الحديث (إعجاز القرآن والبلاغة النبوية)، وكان هذا الكتاب توسيعاً للجزء الثاني من كتابه (تاريخ آداب العربية) في ثلاثة مجلدات، وكان من خير ما كتب في هذا الموضوع، والأستاذ الرافعي كان صاحب أسلوب عالٍ رفيع، وكان وعد أن يكتب كتاب (سر الإعجاز) وهذا أشار إليه في كتابه (إعجاز القرآن والبلاغة النبوية)، وتوفي – رحمه الله تعالى – في آخر الثلاثينات وكنا نتمنى أن يكتب هذا الكتاب، وقد مضى على وفاته ما يزيد على 60 سنة ولم يكتب الكتاب، وأظن لو أن الكتاب كان موجوداً لظهر يقيناً، وكان الأستاذ محمد سعيد العريان – رحمه الله – الذي كتب عن حياة الرافعي ذكر أنه لم يوجد هذا الكتاب. وأستاذنا الدكتور محمد عبدالله دراز – رحمه الله تعالى – صاحب كتاب (النبأ العظيم)؛ هذا الكتاب في ظني كان من خير ما كتب في الإعجاز، ولكن لله حكمة، وحينما تكلم عن الإعجاز فيه، قال إنه سيأخذ الإعجاز من

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير