تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد ذكر المؤلف نقولات من مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله عليه – تؤيد كلامه وتوضحه وتبينه. ومن ذلك ما قاله شيخ الإسلام – رحمه الله – كتاب الإيمان: (اللفظ إنما يدّل إذا عرف لغة المتكلم التي بها يتكلم، وهي عادته وعرفه الذي يعتاده في خطابه، ودلالة اللفظ على المعنى دلالة قصدية إرادية اختيارية، فالمتكلم يريد دلالة اللفظ على المعنى، فإذا اعتاد أن يعبر اللفظ عن المعنى كانت تلك لغته ولهذا كل مَن كان له عناية بألفاظ الرسول ومرادِه بها عرف عادته في خطابه وتبيّن له من مراده ما لا يتبين لغيره.

ولهذا؛ ينبغي أن يقصد إذا ذكر لفظ من القرآن والحديث أن يذكر نظائر ذلك اللفظ؛ ماذا عنى بها الله ورسوله؟ فيعرف بذلك لغة القرآن والحديث، وسنَّة الله ورسوله التي يخاطب بها عباده، وهي العادة المعروفة من كلامه.

ثم إن كان لذلك نظائر في كلام غيره، وكانت النظائر كثيرة؛ عرف أن تلك العادة واللغة مشتركة عامة لا يختص بها هو - صلى الله عليه وسلم - بل هي لغة قومه، ولا يجوز أن يحمل كلامه على عادات حدثت بعده في الخطاب لم تكن معروفة في خطابه وخطاب أصحابه كما يفعله كثير من الناس، وقد لا يعرفون انتفاء ذلك في زمانه).

ثم ذكر كلاماً مهماً يتعلق بهذا في القياس في اللغة، وذكر أن هذا هو سبب ضلال من ضل من المبتدعة فإنهم صاروا يحملون كلام الله ورسوله على ما يدّعون أنه دال عليه ولا يكون الأمر كذلك، ويجعلون هذه الدلالة حقيقة وهذه مجاز، كما أخطأ المرجئة في اسم الإيمان جعلوا لفظ الإيمان حقيقة في مجرد التصديق، وتناوله للأعمال مجازاً. اهـ[من كتاب الإيمان (ص110 - 112)]

.

ثم ذكر المؤلف أنه ينبني على ما سبق أمور مهمة:

منها: لا يجوز تفسير القرآن العظيم وحديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – على غير تفسير الصحابة والتابعين. [أي بتفسير يأتي على تفسيرهم بالنقض، ويكون مخالفاً له.]

ومنها: تفسير النصوص الشرعية بغير المراد الشرعي فتح لباب الزندقة.

ومنها: أنه ليس كل ما جاز في الإعراب النحوي جاز تفسيراً!!

قال ابن قيم الجوزية – رحمة الله عليه -: (وينبغي أن يفطن هنا لأمر لابد منه، وهو أنه لا يجوز أن يحمل كلام الله عز وجل ويفسّر بمجرّد الاحتمال النحوي الإعرابي الذي يحتمله تركيب الكلام، ويكون كلام به له معنى ما؛ فإن هذا مقام غلظ فيه أكثر المعربين للقرآن؛ فإنهم يفسرون الآية ويعربونها بما يحتمله تركيب تلك الجملة، ويُفهم من ذلك التركيب أي معنى اتفق، وهذا غلط عظيم يقطع السامع بأن مراد القرآن غيره ... ).

ثم ذكر أمثلة، ثم قال: (بل للقرآن عرف خاص ومعان معهودة لا يناسبه تفسيره بغيرها، ولا يجوز تفسيره بغير عرفه والمعهود من معانيه فإن نسبة معانيه إلى المعاني كنسبة ألفاظه إلى الألفاظ، بل أعظم، فكما أن ألفاظه ملوكُ الألفاظ وأجلها وأفصحها ولها من الفصاحة أعلى مراتبها التي يعجز عنها قُدر العالمين، فكذلك معانيه أجل المعاني وأعظمها وأفخمها؛ فلا يجوز تفسيره بغيرها من المعاني التي لا تليق به، بل غيرها أعظم منها وأجل وأفخم، فلا يجوز حمله على المعاني القاصرة بمجرّد الاحتمال النحوي والإعرابي.

ثم قال ابن القيم: (فتدبر هذه القاعدة، ولتكن منك على بال فإنك تنفع بها في معرفة ضعف كثير من أقوال المفسرين وزيفها وتقطع أنها ليست مراد المتكلم تعالى بكلامه) [من " بدائع الفوائد " بواسطة " بدائع التفسير " (2/ 248 - 249).]

ومنها: بطلان جعل تفسيرات الباطنية والصوفية مرادات في ألفاظ الشرع التي يوردونها مع أن اللفظ لا يدل عليها.

ومنها: (أي الأمور التي تنبني على معرفة هذه القاعدة؛ الحقيقة الشرعية):

أهمية التفسير الموضوعي، حيث يقوم على جمع الآيات المتعلقة بموضوع واحد من أجل بيان هذا الموضوع، مع الاستعانة في ذلك بالأحاديث المتعلقة بالموضوع.

ومنها: أنّه ليس كل ما جاز لغة جاز تفسيراً وذلك مراعاة لهذه القاعدة، فلا يجوز الهجوم على تفسير القرآن الكريم والسنة النبوية بمجرّد المعاني اللغوية دون مراعاة كون هذا المعنى اللغوي مراداً شرعياً في النص المراد تفسيره.

ولذلك تجد العلماء – رحمهم الله -: يقولون عند بيانهم لمعنى لفظ شرعي: معناه في اللغة كذا، وفي الشرع كذا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير