ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 07 - 2008, 07:25 ص]ـ
ومن ذلك أيضا:
قوله تعالى: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ)، فـ: "أل" في "الرسول": للعهد الذهني فالمعهود المذكور هو: رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعينه، والسياق يؤيد ذلك إذ قوله تعالى قبله: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)، محكي على لسان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
بخلاف الرسول في قوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا)، فـ: "أل" للعهد الذكري، لتقدم ذكره في الآية السابقة كما ذكر الأخ جمال في أول مداخلة بعد إيراد السؤال في هذه النافذة.
وبخلاف:
"الرسول" في قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ).
فـ: "أل" هنا جنسية تفيد الماهية، فليست خاصة برسول بعينه، وإنما هي دالة على جنس الرسل الذين ابتلوا مع أتباعهم بظلم أقوامهم، ويصح أن يقال هي مع ذلك: للاستغراق لأن الابتلاء سنة جارية على الرسل وأتباعهم، لم يسلم منها أحد في أي زمان أو مكان، فاتباع منهاج الرسالة مظنة: الابتلاء والاضطهاد ابتداء والتمكين انتهاء.
*****
وكذا لفظ "النبي" في نحو:
قوله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)، فـ: "أل" في "النبي" للعهد الذهني فالمقصود به: النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقرينة ذكر أزواجه وتوجه الخطاب إلى عموم المؤمنين.
بخلاف "النبي" في نحو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّهْطَ وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلَ وَالنَّبِيَّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ)، فليس المقصود نبيا بعينه، وإنما المقصود جنس الأنبياء الذين بعثوا إلى أقوامهم.
*****
ومنه أيضا:
"الكتاب": في قوله تعالى: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)، فـ: "أل" فيه للعهد الذهني، فالمعهود المقصود هو: القرآن الكريم، بقرينة سبق ذكره بـ: "الم"، فذلك القرآن الذي صيغت ألفاظه من هذه الحروف المقطعة التي استعملتها العرب في نطقها لا ريب فيه.
بخلاف "أل" في "الكتاب" في قوله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ)، فهي جنسية لاستغراق عموم ما دخلت عليه، فالمعنى: وأنزل معهم الكتب من توراة وإنجيل وقرآن ......... إلخ.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[06 - 07 - 2008, 08:51 ص]ـ
ومنه أيضا:
قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ........ وإنا لا تحل لنا الصدقة).
فـ: "أل" في الصدقة:
إن قيل هي للعهد الذهني: أي: الصدقة المعهودة وهي: الزكاة المفروضة، فإن المعنى يصير: عدم جواز الزكاة الواجبة على آل محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنها أوساخ الناس، فبها يطهر الناس أموالهم، وآل محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم منزهون عن أوساخ الناس لمنزلتهم من صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام.
وهذا يفيد بمفهومه: جواز ما عدا الزكاة الواجبة على آل محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لانتفاء علة النهي فصدقة التطوع ليست أوساخا يتنزه عنها آل البيت، وهذا اختيار أكثر الأحناف والصحيح عند الشافعية والحنابلة وكثير من الزيدية.
وإن قيل بأنها للعموم، فإنها تشمل كل أنواع الصدقات، فيحرم عليهم قبول أي صدقة، وهذا اختيار الشوكاني رحمه الله.
*****
ومنه أيضا:
"أل" في "الفحشاء": فإنها جنسية تفيد استغراق عموم الفواحش، كما في:
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
وقوله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).
وقد تفيد العهد كما في قوله تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، فالفحشاء هنا: فرد بعينه وهو: البخل ومنع الزكاة والسياق يرجحه.
قال أبو السعود رحمه الله:
"والعربُ تسمي البخيلَ فاحشاً قال طرفةُ بن العبد:
أرى الموتَ يعتامُ الكرامَ ويصطفي ******* عقيلةَ مالِ الفاحشِ المتشدِّدِ". اهـ.
والله أعلى وأعلم.
¥