فقد روي بالفتح فتكون "أمس": ظرف معرب لدخول "أل" عليه، وهو مما قواه في باب الاسمية فقبل العطف على ما قبله: لفظا ومحلا.
وروي بالكسر فتكون "أل" زائدة، ويكون الظرف مبنيا على الكسر لأن الشاعر قصد اليوم الذي سبق يومه مباشرة، أو يكون العطف في البيت على التوهم بعد تقدير "في" قبل اليوم، فيكون تقدير الكلام: فإني وقف في اليوم وفي الأمس ........... إلخ.
*****
ومنه "أل" الداخلة على الحال، في مثل قول الشاعر:
فأرسلها العراك ولم يذدها ******* ولم يشفق على نغص الدخال
فتقدير الكلام: فأرسلها معتركة، فزيدت: "أل" في "العراك" اضطرار، لأن الحال لا تكون إلا نكرة، فالمقصود منها: بيان الهيئة، وهو حاصل بالنكرة فوجب الاقتصار عليها دون زيادة، لأن زيادة المبنى أو المعنى دون حاجة تطويل لا مسوغ له، فوجب تأويل المعرف بـ "أل" بنكرة إذا وقع حالا، وهذا مذهب البصريين، ووافقهم الكوفيون إلا في مسألة واحدة جوزوا فيها: وقوع المعرفة حالا وهي قولهم: زيد الراكب أحسن منه الماشي، وإلى ذلك
أشار ابن عقيل، رحمه الله، بقوله:
"وفصل الكوفيون، فقالوا: إن تضمنت الحال معنى الشرط صح تعريفها، وإلا فلا، فمثال ما تضمن معنى الشرط: "زيد الراكب أحسن منه الماشي" فـ: "الراكب والماشي": حالان، وصح تعريفهما لصحة تأويلهما بالشرط، إذ التقدير: زيد إذا ركب أحسن منه إذا مشى، فإن لم تتقدر بالشرط لم يصح تعريفها، فلا تقول: "جاء زيد الراكب" إذ لا يصح "جاء زيد إن ركب"". اهـ
وقد تدخل "أل" على العلم فتفيد: لمح الصفة، فلا تكون زائدة، لأنها أفادت معنى جديدا، كـ: "الفضل" و "الحارث" و "النعمان".
ومنه قول الشاعر:
رأيت الوليد بن اليزيد مباركا ******* شديدا بأعباء الخلافة كاهله.
فـ "أل" في "الوليد للمح الصفة.
يقول ابن عقيل رحمه الله:
"وحاصله: أنك إذا أردت بالمنقول من صفة ونحوه أنه إنما سمى به تفاؤلا بمعناه أتيت بالألف واللام للدلالة على ذلك، كقولك: "الحارث" نظرا إلى أنه إنما سمى به للتفاؤل، وهو أنه يعيش ويحرث، وكذا كل ما دل على معنى وهو مما يوصف به في الجملة، كـ "فضل" ونحوه، وإن لم تنظر إلى هذا ونظرت إلى كونه علما لم تدخل الألف واللام، بل تقول: فضل، وحارث، ونعمان، فدخول الألف واللام أفاد معنى لا يستفاد بدونهما، فليستا بزائدتين، خلافا لمن زعم ذلك، وكذلك أيضا ليس حذفهما وإثباتهما على السواء كما هو ظاهر كلام المصنف، (أي: ابن مالك رحمه الله)، بل الحذف والإثبات ينزل على الحالتين اللتين سبق ذكرهما، وهو أنه إذا لمح الأصل جيء بالألف واللام، وإن لم يلمح لم يؤت بهما". اهـ
*****
ومن "أل": ما يكون للغلبة، وتقع في: الأعلام بالغلبة كـ: "العقبة" فهي: علم على العقبة التي حدثت عندها البيعتان، وكان حقها أن تصدق على أي عقبة عرفت بـ "أل"، و "المدينة": فهي علم على مدينة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكان حقها أن تصدق على أي مدينة عرفت بـ "أل"، و "الكتاب" فهو علم على كتاب سيبويه، رحمه الله، وكان حقه أن يصدق على أي كتاب عُرِف بـ "أل".
*****
ومن "أل" ما يقع موقع: "هل": فتقول: أل فعلت قاصدا: هل فعلت؟
وإلى ذلك أشار ابن هشام، رحمه الله، في "مغني اللبيب" بقوله:
"من الغريب أن أل تأتي للاستفهام، وذلك في حكاية قُطرُب أل فَعَلْتَ؟ بمعنى هل فعلت؟ ". اهـ
"مغني اللبيب"، (1/ 76).
والله أعلى وأعلم.
ـ[أنوار]ــــــــ[23 - 03 - 2009, 08:47 م]ـ
كتب الله لكم خيراً كثيراً وفيراً .. وأثابكم وثقل موازينكم ..
عمل جبَّار تشكر عليه أستاذنا الكريم , ..