تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وثالث أركان الاشتغال هو الفعل المشغول وهو العامل الذي اشتغل عن العمل في الاسم المتقدم بالعمل في ضميره أو سببيه فإن من شروطه اتصاله بالاسم السابق وصلاحيته للعمل في ما قبله والاشتغال عن الاسم السابق بضميره، وأخيراً موافقته للفعل المفسِّر المحذوف.

وآخر أركان الاشتغال هو الشاغل أو المشغول به، وهو ما اشتغل به العامل عن العمل في الاسم المتقدم، ومن شروطه أن يكون ضميراً معمولاً للشاغل وأن تتحد وجهة ناصب المشغول عنه والشاغل (6). ويجوز حذف هذا الشاغل كما في قوله تعالى "وكلا وعد الله الحسنى" (7)، والتقدير: وكلا وعده، وكذلك قول الشاعر:

حميت حمى تهامة بعد نجد وما شيء حميت بمستباح

والتقدير: وما شيء حميته.

أما عن أحكام الاشتغال الإعرابية فهي خمسة أحكام: وجوب النصب وترجيح النصب، واستواء الرفع والنصب، وترجيح الرفع، ووجوب الرفع. ويمثل الحكم الأول، وهو وجوب النصب، الشكل الآتي:

أداة تختص بالدخول على الفعل + اسم + فعل + ضمير أو سبب منصوب كما في قول الشاعر:

لا تجزعي إن منفا أهلكته وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي

والحكم الثاني ترجيح النصب مع جواز الرفع يمثله الشكل الآتي:

اسم + فعل طلبي + ضمير أو سببي منصوب.

ومنه قول الشاعر:

هريرة ودّعها وإن لام لائم غداة غد أم أنت للبين واجم

والحكم الثالث وهو استواء النصب والرفع فيمثله الشكل الآتي:

جملة ذات وجهين + عاطف + اسم + فعل + ضمير أو سببي منصوب والجملة ذات الوجهين هي الجملة التي صدرها اسم وخبرها فعل مثل (زيد قام وعمرو أكرمته) فيستوي رفع كلمة عمرو ونصبها.

والحكم الرابع للمشغول عنه هو اختيار الرفع وترجيحه على النصب فيمثله الشكل الآتي:

اسم + فعل + ضمير أو سبب منصوب

وذلك عندما لا يوجد موجب للنصب أو الرفع أو ما يرجح النصب أو ما يجوز فيه الأمران على السواء، ومنه قول الشاعر:

قد أصبحت أم الخيار تدعي عليَ ذنباً كله لم أصنع

برفع (كله) والتقدير لم أصنعه.

وقد ذهب مجمع اللغة العربية بالقاهرة إلى أن الصيغة الأساسية للباب (محمد رأيته) يجوز فيها الوجهان النصب على المفعولية والرفع على الابتداء، أي جواز استواء الأمرين (9).

وآخر الأحكام وجوب الرفع، ويخرج هذا القسم من الاشتغال لأن تعريف الاشتغال يعني خصوص النصب (10) وإنما جاء ذكره على سبيل الضرورة في تتميم ذكر الأقسام (11).

وقد دار خلاف بين النحاة حول موقع جملة الاشتغال من الإعراب. وجملة الاشتغال جملة تفسيرية عند النحاة بلا خلاف، والجملة التفسيرية من الجمل التي ليس لها محل من الإعراب عند النحاة وهي كما يقول ابن هشام (الفضلة الكاشفة لحقيقة ما تليه) (12).

وذهب الشلوبين إلى أن موقع الجملة المفسرة يتحدد بحسب ما تفسره فلا يكون لها موضع في مثل (زيداً ضربته) لأن الجملة المفسرة أيضاً ليس لها موقع، وتكون جملة الاشتغال في محل رفع في مثل قوله تعالى "إنا كل شيء خلقناه بقدر" (13) وذلك لأن المفسر في محل رفع خبر إنَّ (14)، وهو رأي يلقى قبولاً عند المحدثين (15).

وإذا كان باب الاشتغال يقوم في جوهره عند النحاة على عدم جواز إعمال الفعل في الاسم الظاهر وضميره معاً فإن الباب يواجه اعتراضاً في أصله وذلك عند كثير من المحدثين الرافضين لفكرة العامل، وذلك انطلاقاً من أن العوامل في النحو تختلف عن مثيلاتها من العوامل الأخرى فهي ليست طبيعية وإنما هي من صنع المتكلم ويمكن له أن يغفلها ولكنه يكون قد خالف القواعد النحوية، فقاعدة النحاة أن لكل منصوب ناصباً هي التي حملتهم على ذلك التقدير غير اللازم (16).

وقد كان قرار مجمع اللغة العربية بالقاهرة عند مناقشته باب الاشتغال أنه "يجوز رفع المشغول عنه ونصبه ولا داعي لذكر حالات الوجوب أو الترجيح، وتردَ أمثلة هذه الحالات إلى أبوابها من كتب النحو" (17)


1. ابن عصفور، المقرب، ج1، ص 87.
2. عباس حسن، النحو الوافي، ج2، ص127.
3. سورة يوسف، الآية 4.
4. سورة الذريات، الآية 47.
5. الفراء، معاني القرآن، ج2، ص ص552، 256.
6. حاشية الصبان، ج2، ص ص71 - 72.
7. حاشية الخضري، ج1، ص155.
8. ابن هشام، مغني اللبيب، ج2، ص610.
9. مجلة المجمع، كتاب الأصول، ج3، ص243.
10. حاشية الخضري، ج1، ص155.
11. الأزهري، شرح التصريح، ج1، ص303.
12. ابن هشام، المغني، ج2، ص ص399، 402.
13. سورة القمر، الآية 49.
14. ابن هشام، المغنى، ج2، ص ص402 - 403.
15. عباس حسن، النحو الوافي، ج2، ص143.
16. ابن مضاء، الرد على النحاة، ص79.
17. مجلة المجمع، كتاب الأصول، ج3، ص243.

ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[23 - 07 - 2008, 05:47 م]ـ
بارك الله فيكم ..........

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[23 - 07 - 2008, 10:11 م]ـ
أشكرك يا مغربي على ما أوردت، ولقد أحسن الكوفيون في مذهبهم إلى أن المنصوب المتقدم هو المفعول به، ففي جملة (أكرمت زيدًا) أخرت المفعول به، وإن أردت تقديمه كان لك طريقان أحدهما أن تقدمه وتربطه بفعله بضمير لا يعنى سوى الربط (زيدًا أكرمته) ولعل الذي يربط يريد دفع لبس انصراف الإكرام إلى غيره، وإن أردت لم تربط فتقول: (زيدًا أكرمت). وقد يحتج بمثل (زيدًا أكرمت والده) وبمثل (زيدًا مررت به) والجواب على هذا أن الاسم نصب إشعارًا بأنه جزء من المفعول به فالجملة أصلها (أكرمت والد زيد) فالمفعول به المركب الإضافي (والد زيد) ويمكن لمن أراد أن يفسر النصب بأنه نصب لما نزع عنه الخافض وهو المضاف ومثل هذا يقال في حق الجملة الثانية. الظاهرة واحدة ولكن التفاسير تتعدد.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير