تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ملحوظة: بعض الإخوة لا يفرقون بين الوصف النحوي, الذي هو مجرد البحث عن الخيط التركيبي الذي يربط الألفاظ بعضها ببعض, وبين التقعيد الذي الغرض منه وضع قواعد نحوية من دون سابق موصوف, أي إنشاء لغة من خلال إنشاء نحو. والوصف النحوي وإن اختلف فيه الآلاف فإنه لا يعني تغير الموصوف, لأن الموصوف الذي هو اللغة العربية ثابتة, وكل النحو استقراء لها ووصف, ويحدث الاختلاف عندما تختلف زوايا النظر ومنهج التناول.

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 12:32 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبعد

فقد سبق للدكتور أبي أوس وفقه الله أن طرح هذا الرأي، وكنت عزمت أن أخصص لمناقشته نافذة مستقلة، لكن الشواغل أبعدها الله أبعدتني عن الفصيح، وقد سبقني الدكتور فخصص للموضوع نافذة مستقلة، فله الشكر الجزيل.

قبل أن أعرض ما أراه الصواب في هذا الأمر أتوقف عند بعض عبارات أخينا أبي أوس، فمثل هذه القضايا الاجتهادية تحتاج إلى دقة في التعبير، وتحتاج إلى تحديد واضح للمصطلحات المستعملة.

قال أبو أوس:

مصطلح (الإعراب) في استعمال النحويين على معان مختلفة منها قابلية آخر اللفظ للتغير لدخول العوامل عليه، ويقابل (المعرب) في هذا المعنى (المبني) الذي لا يتغير آخره كأسماء الإشارة.

قلت: الإعراب عند النحويين إما معنى وهو تغيّر أواخر بعض الكلم لبيان مقتضى العامل، ولهذا التغير علامات، أو لفظ وهو ما جيء به لبيان مقتضى العامل كما قال ابن مالك من حركة أو حرف أو حذف أو سكون.

ولا أعلم للإعراب في اصطلاح النحويين معنى آخر غير هذين.

قال أبو أوس:

ومن معاني الإعراب كون اللفظ يحتل موقعًا إعرابيًّا كالفاعلية والمفعولية ويقابل (المعرب) في هذا المعنى ما لا محل له من الإعراب كالحروف.

قلت: لا أعلم أن هذا من معاني الإعراب، وإنما أعلم أن من علامات الاسم أن يكون محلا لتوارد معاني النحو من فاعلية أو مفعولية أو إضافة، فإذا كان اللفظ غير قابل لتوارد هذه المعاني فليس باسم، فهو إما أن يكون حرفا أو فعلا، ولكون الأسماء محلا لتوارد هذه المعاني أعربت، فالإعراب إنما هو لإظهار معاني النحو، اي المعاني المقتضية للإعراب، وقد تكون الألفاظ المبنية أيضا محلا لتوارد هذه المعاني وإن كانت لا تظهر عليها علامات الإعراب لأنها صالحة لأداء معاني النحو. فثمّ فرق بين الإعراب وبين المعنى المقتضي للإعراب، أو بين الإعراب وبين المعنى النحوي الذي تكتسبه الكلمة في التركيب المفيد.

قال أبو أوس:

ويدل الإعراب أيضًا على التحليل الإعرابي أي الكلام على اللفظ من حيث بناؤه أو إعرابه ومن حيث كونه ذا محل إعرابي أو بلا محل.

قلت: هذا كأنه تكرار لما سبق، فقد تحدث عن اللفظ من حيث بناؤه وإعرابه، وتحدث عن كونه ذا محل إعرابي كونه بلا محل.

قال أبو أوس:

وعلى الرغم من بناء هذه الألفاظ عندهم جعلوها أسماء ذات محل إعراب.

قلت: يفهم من هذا أن كون هذه الألفاظ مبنية توجب ألا يكون لها محل من الإعراب، وهذا خطأ، فالبناء لا يوجب للفظ انتفاء المحل الإعرابي، لأن المبني قد يؤدي معنى نحويا في الجملة من فاعلية أو مفعولية أو إضافة، ولو قلنا بهذا لوجب نفي المحل الإعرابي عن جميع المبنيات وهذا لا يصح في الواقع اللغوي مطلقا.

قال أبو أوس:

وعدوها أسماء وإن كانت لا تدل معجميًّا على ذات كدلالة أسد على جنس من الحيوان ولا تدل على حدث كالقيام

قلت: يفهم من هذا أن ما لم يدل على ذات أو جنس أو حدث بشكل مباشر فليس باسم، وهذا أيضا خطأ. فالاسم عند النحويين هو ما صح الإسناد إليه، وما صحت الإضافة إليه، أو هو ما صح أن يؤدي معنى الفاعلية أو المفعولية أو الإضافة, وهذا متحقق في أسماء الإشارة.

ولو سلمنا أن الاسم هو ما دل على ذات أو معنى فإن اسم الإشارة يدل على ذات مبهمة أو معنى مبهم، فإذا قلنا: هذا، دل هذا اللفظ على ذات أو معنى يتحدد من خلال السياق، وليس خاليا من الدلالة على الذات أو المعنى.

قال أبو أوس:

ولعلهم فعلوا ذلك لأن اسم الإشارة قد يرد في الجملة من غير المشار إليه؛ ولكن ذلك عندي لا اعتبار له، لأنه لا يمكن تصور اسم إشارة بلا مشار إليه وهو وإن حذف لفظه فهو مراد بالمعنى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير