تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 07:27 م]ـ

إن الإشكال القائم في مثل هذه التراكيب من تأخير المبتدإ إذا جاء الخبر ظرفا, جارا ومجرورا, هو يرجع في شقه الأول إلى استغناء العربية عن فعل الكينونة في المطلق وفي الحاضر وفي شقه الثاني إلى أن التأخير استعمال أخذ درجة القاعدة التي ربما يشذ عنها في الشعر. فجملة مثل:

{في البيت رجل.}

هي إخبار عن \رجل\ وليس عن \البيت\. وبدخول ناسخ أو عامل تتغير حركة الرجل أو تظل تأكيدا لكونها مبتدأ.

{إن في البيت رجلا.}

{كان في البيت رجل.}

والبنية الأصلية للتركيب هي:

{رجل في البيت.}

والبنية العميقة هي:

{يكون رجل في البيت} أو {كائن في البيت رجل} (للاستغراق) أو {رجل يكون في البيت}

وأنا أرى البنية الأولى الأقرب إلى نظام العربية من أولية الفعل وعدم اختلاط صيغة اسم الفاعل بالنعت وتفادي مركبين إسناديين.

وكما قلت فإن الجملة إخبار عن الرجل لا عن البيت, لأن الإخبار عن البيت يكون {البيت فيه رجل} وهذه جملة متكونة من مركبين إسناديين أصلها {البيت رجل فيه}.

ولعل التحليل البرغماتي للجملة يكشف رأيا آخر حيث أن البرغماتية تحاول تفصيل الخبر والمخبر عنه في الجملة بغض النظر عن وظيفتيهما النحوية. وهي تقول أن المخبر عنه في سياق ما ينبغي له أن يكون معروفا فيه, والمعروفية تكون كونية أو سياقية لفظية, والكونية هي التي يشترك الناس في معرفتها مثل الشمس والقمر, واللفظية السياقية هي التي تكون مذكورة سابقا أو معرفة بأدوات التعريف. والخبر يكون جديدا على السامع, ومعنى "جديد" هو أنه معلومة لا يعلمها السامع عن الخبر, تضاف إليه وتكون عادة منكرة. وبتطبيق ذلك على جملتنا نجد أن العنصر المنكر هو "رجل" والعنصر المعرف هو "البيت", وأن هذه الجملة تصلح أن تكون جوابا عن سؤال: "من في البيت؟ " فيكون "البيت" معروفا من السياق ومن أداة التعريف, ويكون الرجل إضافة إلى البيت تخبر عنه. وبذلك:

البيت: مخبر عنه

رجل: خبر

وهذا يؤيد فكرة أن أصل جملة {في البيت رجل} هو {البيت فيه رجل} , غير أن هناك مسألة مهمة هي أن الوظائف النحوية لا تخضع دائما إلى التقسيم البرغماتي أو المعنوي. فالجمل الاسمية التي يبدأ خبرها بفعل في العربية يظل مبتدؤها مبتدأ رغم أنه هو الفاعل وهو الأولى بالفاعلية لأن الفعل يتبعه في الجنس والعدد {البنات يلعبن في الحديقة}. وعلى ذلك فتقسيم المبتدإ والخبر المعمول به في العربية لا يتطابق دائما مع التقسيم المعنوي أو البرغماتي, لأن التركيب النحوي يعمل وفق آليات أخرى أعقد من النتاجات المعنوية. (كمن يريد أن يقول أن الرجل في {مات الرجل} مفعول به وليس فاعلا, لأن الرجل وقع عليه فعل الموت الذي فاعله هو ملك الموت).

والنقطة التي أريد أن أختم بها هي أن "في البيت" خبر وليس نائبا عنه, لأن إضمار فعل الكينونة تعسف تركيبي, ولو ظهر فعل الكينونة لتغير التركيب في الجملة:

{في البيت رجل}

{في البيت رجل كائن}

{كائن في البيت رجل}

وتصبح الجملة تتكون من مركبين إسناديين هما:

{رجل + كائن في البيت} و {كائن + 0 + في البيت}

وهذا لا يحل المشكلة لأن المركب الثاني يلزم اعتبار "في البيت" فيه خبرا لاسم الفاعل القائم مقام الفعل, وهو ظرف. أنا أرى أن الظروف تكون أخبارا, وإن لم تكن هي الأخبار فمن ذا؟

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:04 م]ـ

أخي الحبيب ضاد

أشكرك على التحليل الرائع والبناء المتماسك للمداخلة.

أما كون الظرف أو الجار والمجرور فقد عددتهما خبرًا دون تقدير فعل الكينونة أو وصفه، وإلى هذا ذهب بعض القدماء.

ولكن الملاحظ في الجملة العربية أن الظرف والجار والمجرور لهما وظيفة محددة وهي تقييد الحدث وهو ما يسمى المتعلق به، ولا يتصور أن يكونا بلا متعلق لا يستثنى من ذلك سوى أحرف الجر الزائدة والشبيهة بالزائدة. والمتعلق مذكور إلا في خمسة مواضع حسب النحويين القدماء أشهرها أربعة هي مجيء الظرف أو الجار ومجروره خبرًا أو نعتًا أو حالاً أو صلة لموصول؛ ولذلك يقدرون الفعل أو الوصف لأنه كما سبق لا يكونان إلا ليقيدا حدثًا.

أشكرك لمداخلتك واهتمامك واسلم.

ـ[أبو وسماء]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 11:57 م]ـ

أخي أبا وسماء، لا أعتقد أن مشاركتك هذه من صلب الموضوع

وعليه أرجو الالتزام بأخلاقيات النقاش البناء

دمت بخير

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 02:03 ص]ـ

إلى الأستاذ أبي أوس

اجتهاداتك النحوية التي وقفت عليها في هذا المنتدى يعرف المتخصصون موقعها من الصواب والخطأ ولا تخفى عليهم، ولكنها تثير البلبلة لدى الذين لم يفهموا النحو بعد .. وتخلط عليهم معلوماتهم التي استقرت في أذهانهم، فالأولى أن تعرض في مراكز البحث العلمي كما اقترح احدهم.

أخي الحبيب أبا وسماء

أحسب هذا المنتدى معرضًا للأفكار والآراء، وما من أحد إلا معرض للخطأ لأنه إنسان، وأنا على يقين أنك تعلم أن ليس هناك خطأ مطلق أو صواب مطلق، والنحو العربي كله رؤية بشرية مقترحة يمكن من الناحية النظرية أن تترك جملة وتفصيلا ويؤتى برؤية أخرى. أما عرض اجتهاداتي في مراكز البحث فهو أمل منشود أرجو أن يهتم بها لتدرس وتمحص وتطور ليستفاد منها أو من بعضها. وأما الذين يجدون وحشة من غرابة الطرح فلهم أن يتجاوزوه إلى غيره، وكل موضوع يحمل اسم صاحبه فمن السهل عليه أن يقرأ لمن تأنس له نفسه ويطمئن إليه فؤاده.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير