تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أشكرك لتعليقك وحوارك ولأني لا أعرف مهارة الاقتباس المتعدد فسأجعل جوابي خلل النص المقتبس بمداد مختلف

أشكرك أستاذي الفاضل على طرح هذا الموضوع. واسمح لي بأن أنقاشك في هذه المسألة خطوة خطوة.

إن الجملة الاستفهامية التي يسأل فيها مثلا عن أحد عنصريها هي جملة تفتقد ذلك العنصر, ولذلك فهو غير موجود فيها. وإن السائل عند السؤال يلجأ إلى عملية تحويلية (وقد ذكرت هذا في مشاركة أخرى) يحذف فيها المسؤول عنه من الجملة:

الأصل: كتب الكاتب كتابا.

الحذف 1: كتب x كتابا.

الحذف 2:كتب الكاتب x.

ماذا يحدث بعد الحذف؟ يحول السائل العنصر المحذوف إلى حرف استفهام ويحركه إلى المقدمة, فيقول:

من + كتب كتابا؟

ماذا + كتب الكاتب؟

والحرفان "من" و"ماذا" قاما مقام المسؤول عنهما في الجملتين, الفاعل والمفعول به. الآن الإشكال القائم, كيف نعرف أنهما فعلا قاما مقامهما وليسا خارج الإعراب كما قال به الأستاذ؟

نحن إذن متفقان على أن المسؤول عنه محذوف، ولكنك ترى أداة الاستفهام أو حرف الاستفهام قام مقامهما، والسؤال من أي جهة قام مقام المسؤول عنه أمن جهة الإعراب؟ فإن كان المحذوف فاعلا فهذا فاعل وإن كان مفعولا فهذا مفعول؟ أنا أعلم العلاقة القوية بين أداة الاستفهام والمستفهم عنه ولكنها علاقة غير إعرابية فالسؤال يتطلب الجواب ولابد أن يكون الجواب مجهولا أة على الأقل غير مذكور في التركيب. لا يمكن أن نزعم أن (من جاء) مثل (زيد جاء) أو (جاء زيد).

القول بمجهولية العنصر المحذوف قول سليم, ولكن ليس دائما. فالسائل يمكن أن يعرف جنس الفاعل مثلا فيقول:

من كتبت كتابا؟

ويمكنه أن يعرف عدده, فيقول:

من كتبوا كتابا؟

فتصريف الفعلين في الجملتين الأخيرتين دليل على أن الفاعل المحذوف ليس مجهولا تماما لدى السائل.

أما الجنس والعدد فهو معلوم بالضرورة وليس المقصود بأنه مجهول من هذه الجهة بل من جهة شخصه (زيد، عمرو، ... إلخ)

وهناك أسلوب استفهامي يبرز لنا أن هذه الحروف تقوم مقام العناصر المحذوفة, وهو أن يستفهم السائل من المسؤول عن جواب قاله هذا الأخير ولم يسمعه السائل جيدا, وفي هذا الأسلوب يرجع السائل الحروف إلى مكانها الأصلي فيقول:

زيد: ماذا كتب الكاتب؟

عمرو (بصوت منخفض): كتابا.

زيد (مستفسرا عن الكلمة التي لم يسمعها): كتب ماذا؟

أو أن يستنكر زيد أن يكون الكاتب كتب كتابا فيقول:

زيد (غير مصدق): كتب ماذا!

ففي المثالين السابقين يرجع السائل الحرف إلى مكان العنصر المحذوف ليبرز لنا أنه يقوم مقامه. ويظل السؤال, أهذا الأسلوب ممكن مع "من"؟

زيد: من كتب كتابا؟

عمرو (بصوت منخفض): أحمد.

زيد (مستفسرا أو مستنكرا): كتبه من؟ (كتبه من!)

ونرى أن ذلك ممكن. وهناك اختبار آخر تتجلى فيه بوضوح وظيفة الترتيب في إبراز وظائف حروف الاستفهام, وهي السؤال عن كل عناصر الجملة, وهذا ممكن, كقولنا:

من فعل ماذا؟

فالسائل هنا يعلم أن أحدا ما فعل شيئا ما, ولكنه يجهل هوية الفاعل وما فعله, فيسأل عن ذلك بتلك الصيغة. ولو كان حرف الاستفهام "ماذا" خارج الإعراب لما جاء في المكان المخصص للمفعول به. وفي قولنا:

مَن قابل مَن؟

نعرف أن "من" الثانية في مقام المفعول به وكان لزاما أن تأتي في مكانه من الجملة.

هذا الاحتجاج متوقف فيه، فالتركيب العربي هو: ماذا كتب؟ لأن أسماء الاستفهام لها الصدارة، أما (كتب ماذا) فهي طريقة للمحدثين تقوم على جملتين (كتب/ ماذا).

المشكلة الآن أن هذه الحروف أو الأسماء الاستفهامية لا تحتمل حركات الإعراب, ولكن ذلك ليس بذنبها, ذلك لأن اللغة جعلتها مبنية جامدة, ولو كانت غير ذلك لكانت تأخذ حركة (ولنا في الألمانية مثال حيث يحمل حرف الاستفهام إعراب المسؤول عنه). غير أن ثمة في العربية حرف استفهام قابلا لحمل حركة إعراب وهو "أيّ", وهو بذلك دليل أن هذه الحروف داخلة في الإعراب وعدم ظهور الحركة عليها سببه بناؤها وليس لأنها خارج الإعراب.

أيُّ كاتب كتب كتابا؟

أيَّ كتاب كتب الكاتب؟

ففي الأولى سؤال عن جزء من الفاعل لأن فاعل الكتابة مذكور, والجزء المسؤول عنه هو التحديد, إما بصفة أو باسم أو بأي شيء آخر محدِّد. وبما أن الجزء يأخذ حكم الكل في الصفات والأبدال, فإن "أي" جاءت مرفوعة على حركة الفاعل. وكذلك الشأن في الجملة الثانية, فأيّ أخذت حركة المفعول به, فكيف نقول أنها لا محل لها من الإعراب؟

قلت ذلك لأني أنطلق من الوظائف لا الحركات ولعلك إن رجعت إلى الموضوع وجدت أني لم أغفل عن هذه المسألة، ولكني نظرت بأفق أوسع.

والآن, هل يمكن القول أن جملة يسأل عن فاعلها فيها فاعل؟ أو يسأل عن مفعولها فيها مفعول؟ أرى أن ذلك غير ممكن لأن العنصرين إذا كانا مجهولين تماما فلا يمكن معرفة شيء عنهما (التذكير في السؤال عن الفاعل لا يعني أن الفاعل مذكر حقيقة, والتأنيث يعني أن الفاعل مؤنث حقيقة). أرى القول بأن هذه الحروف قامت مقام العناصر المحذوفة في السؤال, وهي مثل حروف الوصل التي تأخذ مقام عنصر من عناصر الجملة الموصولة:

كتب الكاتب الذي تخرج العام الماضي كتابا.

كتب الكاتب الذي تعرفه كتابا.

وهي بذلك تتصدر الجملة وعلى قول اللسانيات تصير رأسها.

يتبع.

هذا الجزء لا تعليق لي عليه لأني لم أفهمه فالتمس العذر لأخيك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير