تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهنا كلام مهم للعلامة عبدالرحمن بن يحيى المعلمي في التنكيل1/ 134حيث يقول:" أن من لا يؤمن منه تعمد التحريف والزيادة والنقص على أي وجه كان فلم تثبت عدالته، فإن كان كل من اعتقد أمراً ورأى أنه الحق وأن القربة إلى الله تعالى في تثبيته لا يؤمن منه ذلك فليس في الدنيا ثقة، وهذا باطل قطعاً، فالحكم به على المبتدع إن قامت الحجة على خلافه بثبوت عدالته وصدقه وأمانته فباطل وإلا وجب أن لا يحتج بخبره البتة، سواء أوافق بدعته أم خالفها". وقال في موطن آخر من كتابه1/ 140:" وتلك العلة ملازمة أن يكون بحيث يحق أن لا يؤمن منه ما ينافي في العدالة فهذه العلة إن وردت في كل مبتدع روى ما يقوي بدعته ولو لم يكن داعية وجب أن لا يحتج بشيء من مرويات من كان كذلك ولو فيما يوهن بدعته، وإلاّ - وهو الصواب - فلا يصح إطلاق الحكم بل يدور مع العلة، فذاك المروي المقوي لبدعة راويه إما غير منكر فلا وجه لرده فضلاً عن رد راويه وإما منكر، فحكم المنكر معروف، وهو أنه ضعيف، فأما راويه فإن اتجه الحمل عليه بما ينافي العدالة كرميه بتعمد الكذب أو اتهامه به سقط البتة، وإن اتجه الحمل على غير ذلك كالتدليس المغتفر والوهم والخطأ لم يجرح بذلك، وإن تردد الناظر وقد ثبتت العدالة وجب القبول، وإلا أخذ بقول من هو أعرف منه أو وقف".

وبعد هذه الجولة من استعراض أقوال الأئمة نستطيع أن نخلص بالقول أن المبتدع قد تحمله بدعته على الكذب، جاء في الكفاية للخطيب ص 123عن علي بن حرب الموصلي: ((كل صاحب هوى يكذب ولا يبالي)) يريد والله أعلم أنهم مظنة ذلك فيحترس من أحدهم حتى يتبين براءته) فإن ثبت صدقه وضبطه روينا عنه سواء كانت الرواية في ما يؤيد بدعته أو لا وقد يؤيد ذلك ما قاله الصنعاني في ثمرات النظر ج1/ص88:" أخرج الشيخان لأيوب بن عايذ بن مدلج وثقة ابن معين وأبو حاتم والنسائي والعجلي وأبو داود وزاد أبو داود وكان مرجئا وقال البخاري وكان يرى الإرجاء إلا أنه صدوق". وكأن البخاري يريد أن يقول انتفت تهمته بالكذب لكون البدعة مظنة ذلك لما ثبت صدقه. ونقل الصنعاني ايضا في كتابه إرشاد النقاد إلى تيسير الإجتهاد ج1/ص126 جواب الإمام مالك كيف رويت عمن كان يرى القدر: " قال كانوا لأن يخروا من السماء على الأرض أسهل من أن يكذبوا ". (قلت (أبو الحسين: اللهم إلا إذا كانت بدعته مكفرة وقد أقيمت عليه الحجة فلم يرجع فلا) فقد نقل الشيخ وليد بن راشد السعيدان في كتابه الإجماع العقدي ص56رقم611: أجماع السلف على عدم قبول رواية المبتدع المحكوم عليه بالكفر). مستفيدين بذلك مما رجحه الصنعاني والمعلمي، ومن قول الذهبي "في البدعة الكبرى " في أن من كان متصفا بها لم يكن صادقا بل الكذب شعاره، ومن تخريج الصحيحين لمن كان داعيا لبدعته صدوقا ويسعف ذلك جمهرة من أقوال أهل العلم وأما من ردها فهو إما احتراز من أن تدعوه بدعته إلى الكذب في ترويج بدعته فعاد الأمر إلى الصدق أو أنهم منعوا الرواية عنه إخمادا لبدعته وليس مما نحن فيه فهذا يدرس في باب الهجر وليس هذا محل البحث لا علاقة له في الرواية خصوصا وأن أهل الفن يعرفون الحديث الصحيح: " الحديث المتصل بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة". فخرج بالقيد الأول المنقطع والمعضل والمعلق والمدلس والمرسل على رأي من لا يقبله وبالثاني ما نقله مجهول عينا أو حالا أو معروف بالضعف وبالثالث ما نقله مغفل كثير الخطأ وبالرابع والخامس الشاذ والمعلل. قال السيوطي في تدريب الراوي1/ 64: " ثم رأيت شيخ الإسلام ذكر في نكته معنى ذلك فقال إن اشتراط العدالة يستدعي صدق الراوي وعدم غفلته وعدم تساهله عند التحمل والأداء".

وقال الشوكاني في إرشاد الفحول1/ 143: " الشرط الثالث: العدالة فقد قال الرازي في "المحصول": هي هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعًا حتى يحصل ثقة النفس بصدقة ويعتبر فيها الاجتناب عن الكبائر وعن بعض الصغائر كالتطفيف بالحبة، وسرقة باقة من البقل، وعن المباحات القادحة في المروءة، كالأكل في الطريق، والبول في الشارع، وصحبة الأرذال والإفراط في المزاح، والضابط فيه أن كل ما لا يؤمن "معه"* جراءته على الكذب يرد الرواية وما لا فلا، انتهى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير