تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد وقعت النسخة إلى الحافظ ابن حجر، فاستفاد منها أيما فائدة، ونبه على فضلها، وأرشد على أهميتها، وبحق لولا الحافظ ابن حجر لم تعرف قيمة هذه النسخة، ولما اشتهرت هذه الشهرة، مع أن ابن حجر احتفل بنسخة أبي ذر، واحتشد لها، إلا أنه كما ظهر لي من شرحه أكثر اعتمادا على هاتين النسختين - نسخة أبي ذر ونسخة الصغاني - مما سواهما.

وقد ترك الحافظ في شرحه - في أماكن عدة - وصفا دقيقا للنسخة البغدادية، يبين هذا الذي ذكرته من أهميتها وفضلها، وهو وصف على غرار ما يفعله المحققون في زماننا من وصف النسخ المخطوطة المعتمد عليها!.

وهذه نقولات متفرقة من فتح الباري

- النُّسْخَة الْبَغْدَادِيَّة الَّتِي صَحَّحَهَا الْعَلَّامَة أَبُو مُحَمَّد بْن الصَّغَانِيّ اللُّغَوِيّ بَعْد أَنْ سَمِعَهَا مِنْ أَصْحَاب أَبِي الْوَقْت وَقَابَلَهَا عَلَى عِدَّة نُسَخ وَجَعَلَ لَهَا عَلَامَات.

- وَقَالَ الصَّغَانِيّ فِي الْهَامِش: هَذَا الْحَدِيث سَاقِط مِنْ النُّسَخ كُلّهَا إِلَّا فِي النُّسْخَة الَّتِي قُرِئَتْ عَلَى الْفَرَبْرِيّ صَاحِب الْبُخَارِيّ وَعَلَيْهَا خَطّه.

- ثَبَتَ فِي نُسْخَة الصَّغَانِيّ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهُ قَابَلَهَا عَلَى نُسْخَة الْفَرَبْرِيّ الَّتِي بِخَطِّهِ.

- دَلَّ كَلَام الصَّغَانِيّ فِي نُسْخَتِهِ الَّتِي أَتْقَنَهَا وَحَرَّرَهَا وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ.

وبعد استقصاء أحوال هذه النسخة من فتح الباري وغيره، يمكننا أن نقسم ما في النسخة البغدادية من فوائد إلى خمسة أقسام:

1

- زيادة في الأحاديث

تزيد نسخة الصغاني حديثا واحدا عما سواها من النسخ، وقد انتبه الصغاني لهذه الزيادة، فأثبت الحديث ثم بين مستنده فيه.

قال الحافظ في كتاب العلم، باب ما جاء في العلم .. الخ، في آخره:

وَقَعَ فِي النُّسْخَة الْبَغْدَادِيَّة الَّتِي صَحَّحَهَا الْعَلَّامَة أَبُو مُحَمَّد بْن الصَّغَانِيّ اللُّغَوِيّ بَعْد أَنْ سَمِعَهَا مِنْ أَصْحَاب أَبِي الْوَقْت، وَقَابَلَهَا عَلَى عِدَّة نُسَخ، وَجَعَلَ لَهَا عَلَامَات عَقِب قَوْله: رَوَاهُ مُوسَى وَعَلِيّ بْن عَبْد الْحَمِيد عَنْ سُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَة عَنْ ثَابِت مَا نَصّه: حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَة، حَدَّثَنَا ثَابِت، عَنْ أَنَس، وَسَاقَ الْحَدِيث بِتَمَامِهِ.

وَقَالَ الصَّغَانِيّ فِي الْهَامِش: هَذَا الْحَدِيث سَاقِط مِنْ النُّسَخ كُلّهَا إِلَّا فِي النُّسْخَة الَّتِي قُرِئَتْ عَلَى الْفَرَبْرِيّ صَاحِب الْبُخَارِيّ وَعَلَيْهَا خَطّه. قُلْت – أي ابن حجر –: وَكَذَا سَقَطَتْ فِي جَمِيع النُّسَخ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا، وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم بِالصَّوَابِ أهـ.

قلت: والحديث بإسناده قدر صفحة، وقد سقط من النسخ المطبوعة كلها، إلا النسخة الهندية المأخوذة عن النسخة المصطفائية، والله أعلم.

2 - زوائد الأسانيد

في الحديث المشهور في باب: الكفالة في القروض ...

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ فَقَالَ ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُم ... الحديث.

هكذا جاء معلقا في أكثر الروايات، وقد زعم المهلب بن ابي صفرة أن البخاري عوجل عن وصله بوفاة أو شغل أو نحو ذلك، ووعد أن يصله بإسناد، فهو معدود من أشهر معلقات البخاري، قال ذلك في أول كتابه النصيح بتهذيب الجامع الصحيح.

لكن وَقَعَ هُنَا فِي نُسْخَة الصَّغَانِيِّ: " حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح حَدَّثَنِي اللَّيْث". فالحديث إذاً موصول ليس بمعلق، وهو قاطع للنزاع الدائر حول رواية البخاري في صحيحه عن كاتب الليث.

وقد أشار الذهبي في السير في ترجمة أبي صالح كاتب الليث أنه هكذا روي موصولا في نسخ عتيقة صحيحة، كأنه يشير إلى ما هاهنا، والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير