تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد يقولونها للرجل باعتبار قلة ما يرويه عن شخص مخصوص، كما يقولون: حديث المشايخ عن أبي هريرة أو عن أنس فيسوقون في ذلك روايات لقوم مقلين عنهم وإن كانوا مكثرين عن غيرهم.

وكذلك إذا قالوا: أحاديث المشايخ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنما يعنون من ليس له عنه إلا الحديث أو الحديثان ونحو ذلك.

وأبو محمد (1) لم يرَ في هذا الرجل القول بأنه شيخ، فإنهم لم يقولوا ذلك فيه فيما أعلم، وإنما رأى في كتاب ابن أبي حاتم سؤال أبي محمد أباه وأبا زرعة عنه، فقالا: هو شيخ لابن وهب (2)، فهذا شيء آخر، ليس هو الذي ذكر، فإن لفظة "شيخ" لفظة مصطلَح عليها كما تقدم، فأما لفظة شيخ لفلان فإنه بمعنى آخر.

والمقصود أن تعلم أن هذا الرجل لم تُنقَل لنا عدالتُه؛ ثم هو قد خالفه فيه عبدالرزاق، فرواه عن ابن جريج، فوقفه ولم يرفعه.

فإذن إنما ترجح الموقوف، لأنه عن ثقة، والمرفوع عمن لا نعلم عدالته، فاعلم ذلك)؛ هذا كله كلام الحافظ ابن القطان.

وقال أيضاً: (لفظ "شيخ" لا يعطي معنى التعديل المبتغى ولا أيضاً التجريح) (3).

قال الدكتور قاسم علي سعد في (مباحث في علم الجرح والتعديل) (ص40) عقب قول ابن القطان هذا ونقَلَ قبلَه قولَه الذي قبْله: (وقد أيقظ ابنُ القطان في كلامه الأول إلى فائدة مهمة، وهي أنهم قد يُطلقون لفظة الشيوخ على الثقات الذين هم دون الأئمة الحفاظ؛ فحماد بن سلمة مثلاً شيخ في قتادة بالنسبة لهشام الدستوائي أو شعبة أو ابن أبي عروبة، لخفة ضبطه عنه بالنسبة لهم).

وقال الزيلعي في (نصب الراية) (4/ 233): (قال ابن القطان: الرازيان يعنيان بذلك أنه ليس من أهل العلم وإنما هو صاحب رواية).

وقال ابن رجب في (شرح علل الترمذي) (1/ 461): (والشيوخ في اصطلاح أهل العلم عبارة عمن دون الأئمة والحفاظ وقد يكون فيهم الثقة وغيره).

وقال فيه (1/ 372): (وقال رواد بن الجراح: سمعت سفيان الثوري يقول: لا تأخذوا هذا العلم في الحلال والحرام إلا من الرؤساء المشهورين بالعلم الذين يعرفون الزيادة والنقصان ولا بأس بما سوى ذلك من المشايخ).

وقال ابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) (2/ 37): (وإذا قيل: "شيخ" فهو بالمنزلة الثالثه، يكتب حديثه وينظر فيه، إلا أنه دون الثانية)؛ وانظر في شرح هذه الجملة (يكتب حديثه وينظر فيه).

وقال الترمذي في "سننه" في بعض الرواة: (وهو شيخ ليس بذاك (1)، فقال المباركفوري في كتابه (تحفة الأحوذي) (1/ 303 - 304) في شرح هذه العبارة (وهو شيخ ليس بذاك): (أي بذاك المقام الذي يوثق به، أي روايته ليست بقوية، كذا في الطيبي؛ وظاهره يقتضي أن قوله "وهو شيخ" للجرح، وهو مخالف لما عليه عامة أصحاب الجرح والتعديل من أن قولهم "شيخ" من ألفاظ مراتب التعديل.

فعلى هذا يجيء إشكال آخر في قول الترمذي، لأن قولهم ليس بذاك من ألفاظ الجرح اتفاقاً، فالجمع بينما في شخص واحد جمع بين المتنافيين.

فالصواب أن يُحمل قوله "وهو شيخ" على الجرح بقرينة مقارنته بقوله "ليس بذاك" وإن كان من ألفاظ التعديل، ولإشعاره بالجرح لأنهم وإن عدوه في ألفاظ التعديل صرحوا أيضاً بإشعاره بالقرب من التجريح.

أو نقول: لا بد في كون الشخص ثقةً من شيئين: العدالة والضبط، كما بُيِّن في موضعه، فإذا وُجد في الشخص العدالةُ دون الضبط يجوز أن يعدل بإعتبار الصفة الأولى ويجوز أن يجرح بإعتبار الصفة الثانية، فإذا كان كذلك لا يكون الجمع بينهما جمعاً بين المتنافيين؛ كذا في السيد جمال الدين رحمه الله؛ كذا في المرقاة)؛ انتهى كلام المباركفوري.

تنبيه: من أكثر النقاد استعمالاً لهذه اللفظة الاصطلاحية "شيخ" الإمام أبو حاتم الرازي.

هذا يتعلق بمعنى كلمة (شيخ) مفردة أي مجردة؛ وأما عند اقتران كلمة (شيخ) بكلمة نقدية أخرى، فحينئذ تكون كلمة (شيخ) مفسرة بمعناها العرفي عند المحدثين، فالشيخ هو الراوي، أو تكون مفسرة بحسب معنى تلك الكلمة التي قرنت بها، مثل أن يقال: هو شيخ قليل الحديث.

وأما عند الإضافة، مثل أن يقال: فلان شيخ لفلان، أو: هو من شيوخه، فلها معنى آخر شهير، يأتي ذكره في (شيخ فلانٍ).

ـ[المصلحي]ــــــــ[03 - 07 - 10, 02:28 ص]ـ

كلام فيه فوائد كثيرة

ان شاء الله يكون لك مستقبل زاهر في التحقيق

واتمنى لك ذلك

ـ[هشام بن بهرام]ــــــــ[03 - 07 - 10, 05:29 ص]ـ

وهناك مواطن تحتاج لفهم مصطلح المتكلم لأن الاصطلاح قد يختلف بحسب المتكلم، ولكن السياق يبين المقصود.

فالشيخ مثلا في العادة يكون قليل الحديث غير مشهور بالطلب.

ولكن قد يعبر بالشيوخ عن خلاف هذا.

فقال يحيى بن سعيد القطان عند الكلام عن حماد بن سلمة:

ما حدّث به حماد بن سلمة عن قيس بن سعد، فليس قيس بن سعد بشيء، ولكن حديث حماد بن سلمة عن الشيوخ عن ثابت، وهذا الضرب

فقوله الشيوخ هنا يقصد به المشاهير المكثرين الذين لازمهم حماد وكتب عنهم فضبط حديثهم كثابت وحميد وعلي بن زيد.

وهذا يفهم من السياق، وتفسيره على المشهور من قولهم "شيخ" لا يستقيم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير