ـ[عبدالرحمن جلال]ــــــــ[03 - 07 - 10, 09:57 ص]ـ
ينقسم استعمال نقاد الحديث لكلمة "شيخ" لقسمين: اما أن تستعمل مفردة أو مطلقة كأن يسأل الناقد عن راو فيقول فيه: "شيخ" دون أن تقترن بكلمة أخرى. أو تستعمل مركبة أو مقيدة، كأن يقول الناقد عن راو يسأل عنه: شيخ ثقة، أو شيخ ضعيف، أو شيخ مجهول، وغيرها من المصطلحات المركبة.
وبالنظر إلى الاستخدام المركب لهذا المصطلح مقرونا مع غيره، فإنه يمكننا تقسيم المصطلحات المركبة فيما يتصل بكلمة "شيخ" إلى ثلاثة اقسام:-
أولاً مصطلح نقدي يتعرض فيه لذكر مرتبة الراوي، وتكون فيه كلمة شيخ مقرونة مع كلمة أخرى من مصطلحات النقد الحديثي، ومن أمثلة ذلك:-
· إياس بن أبى تميمة أبو مخلد صاحب البصري، ... ، قال ابن أبي حاتم: عن عبد الله ابن احمد بن محمد بن حنبل فيما كتب إليّ، قال: قال أبي: إياس بن أبى تميمة شيخ ثقة.
· عبد الله بن محمد بن الربيع الكرماني العائذي، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: عبد الله بن محمد بن الربيع شيخ ثقة صدوق مأمون.
· عبد المتعال بن طالب الأنصاري، ... ، قال ابن أبي حاتم: سُئل أبو زرعة عن عبدالمتعال بن طالب، فقال: شيخ ثقة.
· وسُئل ابن معين عن إبراهيم بن أبي حية، فقال: شيخ ثقة.
وهذا المصطلح المركب (شيخ ثقة) أكثر ما وجدته في كلام الإمام أحمد بن حنبل.
· إبراهيم بن الجعد، سمعت أبي يقول: هو شيخ ضعيف الحديث.
· حماد بن الجعد، قال الآجري: سألت أبا داود، عن حماد بن الجعد، فقال: شيخ ضعيف، سمعت يحيى بن معين يقول: هو شيخ ضعيف.
· عمر بن عبيد أبو حفص الخراز، وبسؤال ابن أبي حاتم لأبيه عنه، قال: هو شيخ ضعيف الحديث.
وهناك غير هذه المصطلحات، مثل قولهم "شيخ صدوق"، "شيخ مجهول"، "شيخ جائز الحديث" وغيرها من المصطلحات والتي تكون فيها كلمة "شيخ" مقرونة مع كلمة أخرى من مصطلحات النقد الحديثي المعروفة، وتَتبع كلمة "شيخ" في معناها ورتبتها والحالة هذه للكلمة المقرونة معها، وعليها –أي الكلمة التي معها- يكون المعوّل في الحكم على الراوي عند من قال هذا المصطلح.
ثانيا:- مصطلح يستخدم للتعريف بالراوي، ومن أمثلة ذلك:-
· إبراهيم بن سَعِيد، أبو إسحاق المدني، قال أبو داود: شيخ من أهل المدينة، ليس له كبير حديث.
· عبد الرحمن بن عطاء بن كعب سُئل أبو حاتم عنه، فقال: شيخ مديني.
· عبيد الله بن زياد الهمداني: سُئل أبو حاتم عنه، فقال: شيخ كوفي.
· عثمان بن فرقد أبو معاذ: سُئل أبو حاتم عنه، فقال: شيخ بصري.
وهذه المصطلحات وأمثالها ليس المقصود بها – على الأغلب- نقد الراوي وبيان مكانته، بل بيان أن الناقد يعرف بوجود راو بهذا الاسم، ومن أي الأماكن هو، ولكن بدون ان يذكر لنا درجته ومنزلته في مراتب الجرح والتعديل؛ لخفاء حاله على هذا الناقد.
ومما يلحق بهذا النوع ايضاً قول الناقد في الراوي: شيخ لفلان، او شيخُ يروي عن فلان، وخاصة فيما إذا كان التلميذ معروف مشهور وشيخه ليس كذلك، فيعرف الشيخ بأن فلان الراوي المشهور من الرواة عنه، ومن أمثلة ذلك:-
· محمد بن عمرو اليافعي سُئل عنه أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، فقالا: شيخ لابن وهب.
· إبراهيم بن إسحاق: شيخٌ يروي عن ابن جريج، روى عنه وكيع بن الجراح، لست أعرفه ولا أباه.
· الحسن الكوفي شيخ يروي عن ابن عباس، روى عنه ليث بن أبي سليم لا أدري من هو ولا بن من هو.
ثالثا:- مصطلح دال على عبادة الراوي وصلاحه، وأكثر المصطلحات استخداما في هذه الحالة هو قول الناقد في راو من الرواة "شيخ صالح"، ومن أمثلة ذلك:-
· حجاج بن فرافصة الباهلي، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمعت أبي يقول حجاج ابن فرافصة شيخ صالح متعبد.
· محمد بن يحيى بن حسان التنيسي أبو عبد الله، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال شيخ صالح.
· قال الآجري: سمعت أبا داود سئل عن عثمان بن عثمان الغطفاني فقال: سمعت أحمد ابن حنبل يقول: هو شيخ صالح.
· حبيب بن أَبي مرزوق الرَّقِّيّ، قَال هلال بن العلاء: شيخ صالح، بلغني أنه اشترى نفسه من الله ثلاث مرات.
وأبيّنّ هنا أن بعض أهل العلم بالحديث قد فرّقوا بين قول الناقد في الراوي "صالح" وبين قولهم فيه "صالح الحديث" فقال ابن حجر: " وقول الخليلي: إنه - أي أبا زكير - شيخ صالح: أراد به في دينه، لا في حديثه، لأن من عادتهم إذا أرادوا وصف الراوي بالصلاحية في الحديث قيدوا ذلك فقالوا: صالح الحديث، فإذا أطلقوا الصلاح فانما يريدون به في الديانة، والله أعلم ". وجاء في ترجمة إسحاق بن إبراهيم الحنيني أن ابا زرعة قال عنه: صالح، فعلّق ابن حجر في تهذيبه على ذلك فقال: يعني في دينه لا في عدالته ".
وبالنظر إلى الأقسام الثلاثة السابقة فيما يخص الاستعمال المركب، فما يعنينا القسم الاول منه دون القسمين الثاني والثالث وذلك كونه –أي القسم الأول- مصطلح نقدي، وكون القسم الثاني والثالث على الأغلب ليس لها تأثير في قبول مرويات الراوي أو ردها، وإن كانت تشير إلى حال الراوي ومكانته، فالراوي الذي نبحث في ترجمته ونجده يقال فيه: مديني أو كوفي فقط فهو بوجه عام غير معروف، وكذا إذا جاء في ترجمته انه عابد، وقد حذروا قديما من ذلك، فقال الإمام مالك رحمه الله تعالى: "لا يؤخذ العلم عن أربعة: سفيه يعلن السفه وإن كان أروى الناس، وصاحب بدعة يدعو إلى هواه، ومن يكذب في حديث الناس، وإن كنتُ لا أتهمه في الحديث، وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به".
وقد يذكر هذا المصطلح في الراوي ويقصد به المعنى اللغوي وهو كون الراوي كبير السن
يتبع بإذن الله ......
ملاحظة: سجلت هذا الموضوع (مصطلح "شيخ" عند المحدثين دراسة نظرية وتطبيقية) لاستكمال متطلبات الحصول على درجة الدكتوراة، وقد بدأت الكتابة فيه منذ فترة قريبة فالدعاء منكم بالتوفيق والسداد ولا تبخلوا علي بما ترونه مفيدا لموضوع الدراسة من توجيهات ونصائح واقتراحات، وجزاكم الله كل خير
¥