تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَقَالَ الْخَلَّالُ أَيْضًا فِي الْجَامِعِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي كَفَّارَةِ وَطْءِ الْحَائِضِ قَالَ: كَأَنَّهُ يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ: أَحَبَّ أَنْ لَا يَتْرُكَ الْحَدِيثَ وَإِنْ كَانَ مُضْطَرِبًا؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ فِي الْأَحَادِيثِ إذَا كَانَتْ مُضْطَرِبَةً، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مُخَالِفٌ قَالَ بِهَا).

وقال ابن رجب: ظاهر كلام أحمد أن المرسل عنده من نوع الضعيف، لكنه يأخذ بالحديث إذا كان فيه ضعف ما لم يجئ عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أو عن أصحابه خلافه. [شرح العلل].

وقرره أيضا شيخ الإسلام وابن القيم –وسيأتي كلامهما-

وهذا ليس خاص بمذهب أحمد، بل روي هذا عن الشافعي: قال السخاوي: ([ونسب] الماورديُّ لقول الشافعي في الجديد: أن المرسل يحتج به إذا لم يوجد دلالة سواه) انتهى كلامه.

ثم لِتعلم أن القياس (ويراد به عند المتقدمين الاجتهاد والرأي) ليس من المعارض الراجح:

ففي فتح المغيث (1/ 82) قال: روينا من طريق عبد الله بن أحمد بالإسناد الصحيح إليه قال: سمعت أبي يقول لا تكاد ترى أحدا ينظر في الرأي إلا وفي قلبه غل، والحديث الضعيف أحب إلي من الرأي، قال: فسألته عن الرجل يكون ببلد لا يجد فيها إلا صاحبَ حديث لا يدري صحيحه من سقيمه، وصاحب رأي فمن يسأل؟ قال: يسأل صاحب الحديث ولا يسأل صاحب الرأي.

[ثم قال] وذكر ابن الجوزي في الموضوعات: أنه كان يقدم الضعيف على القياس) ا. ه

وقال ابن حزم في المحلى (3/ 61): (وهذا الأثر وإن لم يكن مما يحتج بمثله، فلم نجد فيه عن رسول الله r غيره، وقد قال أحمد بن حنبل رحمه الله: ضعيف الحديث أحب إلينا من الرأي، قال علي: وبهذا نقول). [وهذه مِن ابنِ حزم غريبةٌ]

وهذا ابن القيم يقول –في كلامه على أصول الإمام أحمد-: (الأصل الرابع: الأخذ بالمرسل والحديث والضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه، وهو الذي رجحه على القياس).

وهذا ليس بسبيله وحده؛ فقد قال ابن أبي حاتم عن أبيه: وليس هذا إسناد تقوم به الحجة، ... غير أنى أقول به؛ لأنه أصلح من آراء الرجال. [الجرح والتعديل 8/ 347]

المبحث الثاني/ الأخذ بالحديث الضعيف في باب الاحتياط.

وقد سبق إيراد قول الإمام -في رواية أبي طالب-: "ليس في النَّبِق حديث صحيح، ما يعجبنى قطْعُه؛ لأنه على حال قد جاء فيه كراهة"

وقد ذكر هذا ابنُ مفلح في (حاشيته على المحرر للمجد أبي البركات): أن الإمام أحمد يأخذ بالضعيف في باب الاحتياط. وأنه إن كان النهي واردا في حديث ضعيف كره فعله.

وقرره النووي في (الأذكار) حين قال: (وأما الأحكام كالحلال والحرام والبيع والنكاح والطلاق وغير ذلك فلا يعمل فيها إلا بالحديث الصحيح أو الحسن؛ إلا أن يكون في احتياط في شيء من ذلك، كما إذا ورد حديث ضعيف بكراهة بعض البيوع أو الأنكحة، فإن المستحب أن يتنزه عنه ولكن لا يجب).

وفي كتاب الترجل للخلال: أن الإمام أحمد قال في الاكتحال: «وتراً، وليس له إسناد».

[أيْ ليس له إسنادٌ يصح. وإلا ففيه عن ابن عباس مرفوعاً من رواية عباد بن منصور المشهورة عن ابن أبي يحيي].

وهذا ليس بسبيل الإمام أحمد وحده؛ فقد قال الشافعي: (وأحب للجنب والحائض أن يدعا القرآن احتياطا؛ لما روي فيه، وإن لم يكن أهل الحديث يثبتونه) [معرفة السنن والآثار: 1/ 323]

المبحث الثالث/ قد يَحتج الإمام بخبر ضعيف لا لذاته بل لما عضَدَه من عمل وقياس ونحوهما: فلا يصح الاستدلال بهذه الأمثلة على أنه يأخذ بالضعيف.

قال ابن النجار في شرح الكوكب المنير - (2/ 573):

(وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ حَدِيثَ الرَّجُلِ الضَّعِيفِ، كَابْنِ لَهِيعَةَ وَجَابِرٍ الْجُعْفِيِّ وَابْنِ أَبِي مَرْيَمَ. فَيُقَالُ لَهُ. فَيَقُولُ أَعْرِفُهُ أَعْتَبِرُ بِهِ، كَأَنِّي أَسْتَدِلُّ بِهِ مَعَ غَيْرِهِ، لا أَنَّهُ حُجَّةٌ إذَا انْفَرَدَ. وَيَقُولُ: يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا. وَيَقُولُ: الْحَدِيثُ عَنْ الْجُعْفِيِّ قَدْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي وَقْتٍ. وَقَالَ: كُنْت لا أَكْتُبُ حَدِيثَ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، ثُمَّ كَتَبْته أَعْتَبِرُ بِهِ. وَقَالَ أَيْضًا: مَا أَعْجَبَ أَمْرَ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ. وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ مِنْ أَعْجَبِهُمْ، يَكْتُبُ عَنْ الرَّجُلِ مَعَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير