تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الْعَامِرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ:

كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ وَذَلِكَ بِصَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

متفق عليه

في ظلال الحديث الشريف

قوله كنا نخرج زكاة الفطر يلحق عند أكثر أهل العلم بالمسند وهو مذهب مالك والشافعي؛ لأن الصحابي إذا أخبر بفعل من الشرع وأضاف ذلك إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم فالظاهر أنه أضافه إلى النبي صلى الله عليه وسلم على أن هذا الحديث رواه داود بن قيس عن عياض بن عبد الله فقال كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر فذكره فصرح برفعه فإذا كان الأمر المضاف مما يظهر ويتبين ولا يخفى مثله على النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكره وأقر عليه فإنه حجة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على المنكر، وإخراج زكاة الفطر يكثر المخرجون لها والآخذون ويتكرر ذلك حتى لا يمكن أن يخفى أمرها عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أظهرهم فثبت أن الخبر حجة وأنه مسند

(فصل) وقوله صاعا من طعام والطعام في كلام العرب واقع على كل ما يتطعم، ولكنه في عرف الاستعمال واقع على قوت الناس من البر وهذا يدل على أن إخراج البر في زكاة الفطر جائز وإلى هذا ذهب جماعة الفقهاء وقال بعض من لا يعتد بخلافه من أهل الظاهر لا يجزئ إخراج البر في الزكاة وهذا خلاف لا يعتد به؛ لأنه خلاف الإجماع، والدليل على ما نقوله حديث أبي سعيد هكذا كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من زبيب أو صاعا من شعير والطعام إذا أطلق توجه بعرف الاستعمال إلى البر، يدل على ذلك أن القائل اذهب بنا إلى سوق الطعام لا يفهم منه سوق الجزارين ولا سوق الزيت ولا سوق شيء من الأطعمة إلا البر فإن قيل: هذا اللفظ يستعمل في الشعير على حسب ما يستعمل في البر فالجواب أن مثل هذا لا ينطلق على سوق الشعير إذا انفرد وإنما ينطلق على سوق القمح، والشعير على سبيل التبع للقمح، وأما سوق الشعير إذا انفرد فإن هذا الاسم لا ينطلق عليه ووجه ثان أنه قال صاع من طعام أو صاع من شعير فصرح أن المراد بالطعام غير الشعير كما بين أن المراد بالشعير غير ما بعده لما أورد بينهما لفظ التقسيم أو التخيير ولا يقسم الشيء في نفسه كما لا يخير بينه وبين نفسه فإن قيل فقد روى حفص بن ميسرة هذا الحديث عن زيد بن أسلم فقال كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام قال أبو سعيد وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر إن ذلك كان قوتهم الغالب في ذلك الزمان ولا يدل على أن اسم الطعام ينطلق عليه.

(مسألة) إذا ثبت ذلك فإن زكاة الفطر تخرج من القوت وقد اختلفت الرواية عن مالك فيما يجزئ إخراجها عنه فقال مالك في المختصر يؤديها من كل ما تجب فيه الزكاة إذا كان ذلك من قوته وروى عنه ابن القاسم في كتاب ابن المواز تؤدى من تسعة أشياء: القمح والشعير والسلت والأرز والدخن والذرة والزبيب والأقط والتمر زاد ابن حبيب العلس فجعلها عشرة وقال: إن أخرج الدقيق بريعه أجزأه، وكذالك الخبز وقال أشهب: لا تجزئ إلا الأربعة التي في الحديث الشعير والتمر والزبيب والأقط إلا أن الشعير يدخل معه القمح والسلت؛ لأنهما جنس واحد وهذه معان تبين القول في جواز إخراجها ثم تبين بعد ذلك صفة إخراجها فأما القمح فقد تقدم الكلام فيه والشعير ثابت ذكره في حديث أبي سعيد وقد انفرد عبد العزيز بن أبي داود عن نافع عن ابن عمر بقوله كان الناس يخرجون عن صدقة الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من شعير أو تمر أو سلت أو زبيب وليس السلت بمحفوظ في حديث نافع والذي يعول عليه في جواز إخراجه أنه حب من جنس القمح تجزئ فيه الزكاة كالشعير، وأيضا فإن القمح والسلت والشعير جنس واحد أفضله القمح وأوسطه السلت وأدونه الشعير فإذا كان يجزئ إخراج الشعير وهو الأدون فبأن يجزئ إخراج القمح وهو الأفضل والسلت وهو الأوسط أولى وأحرى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير