تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(فرع) فإن بيع الفول أو الحنطة أو العدس أو الحمص على الإطلاق قبل يبسه وبعد أن أفرك فقد قال ابن عبد الحكم يفسخ فيه البيع ويرد وحكمه حكم بيع الثمرة قبل بدو صلاحها وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم يفوت باليبس ويمضي البيع ولا يرد وقال في المدونة أكره أن يعمل به فإذا عمل به وفات فلا أرى أن يفسخ وتأول الشيخ أبو محمد هذا على معنى تفوت بالقبض وروى ابن المواز عن مالك إن نزل لم أفسخه وظاهره يقتضي أنه يمضي بنفس العقد.

(مسألة)، وأما إذا بدا صلاح الثمرة فإنه يجوز بيعها وذلك بأن يبدو الصلاح في نخلة منها فإن كانت تلك النخلة في جهة واحدة فيجوز بيع ذلك النصف كله؛ لأنه لو روعي في ذلك بيع ما بدا صلاحه دون غيره لم يصح ذلك لتفاوته وللحقته المشقة المفرطة فيه ولامتنع بيعه إلا عند انقضائه وهو وقت فوت بيعه واستغناء المشتري عنه وكذلك إذا بدا صلاح نوع جاز بيع سائر أنواع ذلك الجنس مما يقرب منه في بدو الصلاح وإن لم يبد صلاح تلك الأنواع قال القاضي أبو محمد وهذا إذا كان طيبا متتابعا ولم يكن مبكرا والمراعى فيه بلوغ الزمن الذي تؤمن فيه العاهة على الثمرة غالبا ومعنى ذلك أن لا تكون تلك الثمرة خارجة عن عادة غيرها فإن من الشجر ما يتقدم نوع منه سائر الأنواع في الطيب بالمدة الطويلة ويتأخر عن سائره بالمدة الطويلة فلا يجوز بيع المتأخر بظهور صلاح المتقدم كما لا يمنع تأخير المتأخر مع المتقدم كالعنب الشتوي والصيفي لا يباع الشتوي ببدو صلاح الصيفي؛ لأن عادتهما التفاوت في بدو الصلاح كالجنسين وكذلك إذا ندر من الشجرة الواحدة الحبة الواحدة فقد يندر ولا يتلاحق بها من ذلك الجنس شيء فإن تلك الحبة لا حكم لها حتى يتقارب صلاح غيرها فإن كانت الشجرة تطعم بطنين في السنة فالظاهر من المذهب أنه لا يجوز أن يباع الآخر ببدو صلاح الأول رواه في العتبية ابن القاسم عن مالك وفي المبسوط أنه إذا كان طيبها متتابعا لا ينقطع الأول حتى يدرك الآخر فلا بأس ببيعهما جميعا بطيب الأول وجه القول الأول أن لبطن الثاني ثمرة لم يبد صلاحها ولا بلغت إبان بدو صلاحها فلم يجز بيعها كالمفردة ووجه القول الثاني أنه إذا اتصل فحكمه حكم الثمرة الواحدة في صحة البيع كالمقاثئ.

(مسألة) ولا يباع جنس من الثمر ببدو صلاح جنس آخر خلافا لليث بن سعد والدليل على ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها وحتى تزهو قيل: وما تزهو؟ قال حين تحمر وروي عنه أنه قال في العنب حين يسود فاعتبر في كل جنس صفة لا توجد في غيره ومنع من بيعه حتى توجد تلك الصفة فيه وهذا يمنع اعتباره بعده ودليلنا من جهة المعنى أن منع الثمرة حتى يبدو صلاحها إنما هو لتؤمن عليها العاهة ولتكون معلومة الصفة برؤية ما طاب منها وقد علم تفاوت أجناس الثمار في الطيب فإذا طاب بعضها لم يؤمن بذلك العاهة على غيرها مما يتأخر إبانه عن إبانها وإذا علم صفة بعضها ببدو الصلاح فيها لم يعلم بذلك صفة غيرها ما لم يبد الصلاح فيها.

(مسألة) إذا بدا صلاح نخلة من حائط جاز بيع جميع ذلك الحائط وجاز بيع ما حواليه من الحوائط وما يكون حاله في التكبير والتأخير خلافا لمطرف من أصحابنا والشافعي في قولهما لا يباع بطيبها غير حائطها والدليل على ما نقوله أن هذه ثمرة بدا صلاحها فجاز أن يباع به ما حولها كما لو لم يفصل بينهما بجدار.

(فصل) إذا ثبت ذلك فإنه يجوز بيع الثمرة التي بدا صلاحها على الإطلاق ولا خلاف في ذلك ويجوز بيعها بشرط التبقية وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يجوز بيعها بشرط التبقية والدليل على ما نقوله أن هذه ثمرة جاز بيعها على الإطلاق فجاز بيعها بشرط التبقية أصل ذلك إذا قال أبتاعها منك على أن أقبضها غدا.

(مسألة) لا خلاف أنه لا يجوز أن تفرد الحنطة في سنبلها بالشراء دون السنبل وكذلك الجوز واللوز والباقلاء لا يجوز أن يفرد بالبيع دون قشره على الجزاف ما دام فيه، وأما شراء السنبل إذا يبس ولم ينفعه الماء فجائز وكذلك الباقلاء والجوز وقال الشافعي لا يجوز شيء من ذلك والدليل على ما نقوله ما روى نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى تزهو وعن السنبل حتى يبيض ويأمن العاهات نهى البائع والمشتري وهذا على طريق القاضي أبي بكر في تعلقه بدليل الخطاب في الغاية ودليلنا من جهة القياس أن ما جاز بيعه بعد الفرك جاز بيعه قبل الفرك كالشعير.

(مسألة) إذا ثبت ذلك فإنه يجوز بيعه قائما قبل حصاده إذا يبس جميعه أو أكثره رواه ابن المواز عن مالك وروى القاضي أبو إسحاق عن مالك أنه يجوز بيعه في أنادره وقبل درسه وروي عن ابن نافع أنه لا يجوز بيعه إلا إذا كان حزما يرى سنبله وينظر إليه ووجه قول مالك أنه لم يتغير عن الصفة التي كان عليها قبل الحصاد وقد أجمعنا على أنه يجوز بيعه جزافا قبل الحصاد وأنه يتأتى حزره على ذلك فكذلك بعد الحصاد وقبل تغيره بالدرس ووجه آخر أن الحصاد معنى لا يتوقع معه إضافة شيء إلى الزرع يمنع صحة تقديره وتساوى المتبايعان في معرفته فلم يمنع ذلك صحة بيعه جزافا أصل ذلك إذا أمالته الريح ووجه قول ابن نافع ما احتج به من أن هذه الصورة التي يمكن عليها حزره، وأما إذا كان يخفى سنبله أو بعضه فلا يمكن حزره لخفاء المطلوب منه ولذلك جوزنا الخرص في النخل والأعناب لما كانت ثمرتها ظاهرة يمكن ذلك فيها ولا يخرص الزبيب؛ لأن ثمرته مستورة في أوراقه.

(مسألة) ولا يجوز بيعه بعد درسه وروى ذلك عن مالك القاضي أبو إسحاق في مبسوطه ووجه ذلك أنه قد صار على حالة لا يتأتى حزره ولا يؤمن من إضافة التبن إليه فلم يجز بيعه كما لو صفاه ثم أضاف إلى حنطته تبنا وهذا كله في الجزاف، وأما بالكيل فلا خلاف في جواز ذلك؛ لأن المقدار معروف بالكيل والصفة معروفة بفرك بعضه والنظر إليه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير