[وفاة عالم من علماء القرآن أحمد أحمد مصطفى أبو الحسن المصري]
ـ[أبو احمد الحاتمي]ــــــــ[02 - 03 - 08, 03:55 م]ـ
الملتقى الجنة
بقلم الشيخ/عادل الكلباني
الحمد لله وبعد،،، تلقيت قبيل صلاة الجمعة اليوم خبر وفاة شيخنا الشيخ أحمد مصطفى أبو حسن، بعد عمر مديد قضاه في تعلم القرآن الكريم وتعليمه.
وقد أكرمني الله تعالى بزيارته قبل حوالي شهر، وقد استقر في نفسي أنه اللقاء الأخير، فقد كان جد متعبا، حتى إنه لم يعرفنا، وصعب عليه الكلام، إلا من جملة واحدة بعد جهد وعناء قاله: حصلت البركة.
وشيخنا أحمد رحمه الله تعالى هو أول شيخ قرأت عليه القرآن برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، وأجازني بها في آخر شهر رمضان عام 1407، وبدأت بعدها رحلتي مع القرآن، فله علي فضل كبير، ونهلت من علمه شيئا كثيرا، أفدت منه في حياتي مع القرآن، وقفا وابتداء، وحذرا من الاختلاس، أو ما يسمى اليوم بهندسة الكلمة، وكان له الفضل في إرشادي لضبط الحفظ في قصة ملخصها:
أني قرأت عليه يوما ما تيسر، وكان من المفترض أن يأتي بعدي قارىء آخر، لكنه لم يحضر، فقال لي الشيخ واصل القراءة، فقلت له: لم أحضر، فتعجب، وقال: تبقى مش حافظ، الحافظ ما يحتاجش للمراجهة، فسألت: وكيف يكون ذلك، فقال: بالورد اليومي، لا بد أن تقرأ ثلاثة أجزاء يوميا، غيبا، فلا تحتاج إلى مراجعة بعد ذلك، وضرب مثالا بلو خسفت الشمس أو كسف القمر، فهل تصلي بالناس مباشرة أو تحتاج إلى مراجعة، وهكذا كان، فله الفضل بعد الله في أني لا أحتاج إلى مراجعة أبدا.
كان يحفظ متونا كثيرة في التجويد والقراآت، تصل إلى أحد عشر ألف بيت، وقد اختلفت مع الشيخ عبدالباري محمد رحمه الله أثناء التسجيل في الإذاعة في قوله تعالى {متاعا إلى الحول غير إخراج} فقد قرأتها بتفخيم الخاء، واعترض الشيخ على ذلك بحجة أن ما قبلها مكسور، فقلت له إني قرأتها على الشيخ أحمد بالتفخيم، فقال هو شيخنا، ولكن الصحيح ترقيقها، فلما رجعت اتصلت بالشيخ وقلت له ما دار بيني وبين الشيخ عبدالباري فقال: لا، الصحيح تفخيمها، والدليل قول الناظم: وخاء إخراج بتفخيم أتت، من أجل راء بعدها قد فخمت. لكنه قال لست متأكدا من أين هذا البيت، وهل هو قد أو إذ. فرجعت من غد إلى الشيخ عبدالباري فقال: أصاب شيخنا. رحمهما الله جميعا.
وهكذا هي سنة الله، كل نفس ذائقة الموت، وهي عبرة لم أقدر على كتمانها، فأسأل الله لشيخنا الرحمة والمغفرة، وأن يجعل القرآن له شفيعا ومؤنسا في قبرة، وأن يجمعنا به وبجميع مشايخنا في الفردوس الأعلى، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
ترجمة الشيخ رحمه الله تعالى
الشيخ أحمد أحمد مصطفى أبو الحسن المصري الذي يعد واحدة من حبات عقد الحُفاظ والقراء الكبار، والذي إذا ما جلست إليه تشعر كأن الزمان قد عاد بك إلى عصور زاهرة تذكرك بالسلف الصالح عليهم الرضوان.
ولد الشيخ أحمد أبو الحسن الاثنين 23 من أكتوبر 1922، الموافق 3 من ربيع الأول عام 1341 من الهجرة، بقرية مليج، من أعمال مركز شبين الكوم، محافظة المنوفية بمصر. وكانت أولى علامات التكليف في كف بصره حين كان عمره لم يتجاوز العامين، فكأن الأمر قد أتاه لقصْر حياته على تعلم القرآن وتعليمه، فاشتهر بين أقرانه الصغار بقوة الحافظة، والذكاء، وكانت أولى خطوات التعلم المعهودة في ريف مصر -وقتها- في كتاب القرية، حيث أتم حفظ القرآن الكريم في كُتاب مسجد سيدي نعمة الله بمليج، وكان ذلك في سن العاشرة، حيث كان إتمام حفظ القرآن مسوغًا لالتحاقه بالأزهر الذي أتم فيه تعليمه الديني النظامي. فالتحق بالمعهد الابتدائي الأزهري بشبين الكوم، وبعد أن أتم دراسته فيه التحق بالمعهد الثانوي الأزهري بطنطا. ثم انتقل بعدها وعمره 21 عاما (عام 1943) إلى القاهرة، ليُتم جانبًا آخر من جوانب تعليمه الديني، حيث التحق بكلية الشريعة، التي حصل منها عام 1948 على الإجازة العلمية، وحصل منها على إجازة التدريس في عام 1950، ليبدأ رسالته التي سيكون بها واحدًا من أولئك الرجال الذين آلوا على أنفسهم أن ينشروا علوم القرآن، وضبط قراءاته، متميزًا في ذلك بالدأب والمثابرة للوصول إلى أوثق الطرق وأصحها في قراءة القرآن كما أنزله البارئ سبحانه، وكما
¥