تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الشيخ طاهر الجزائري]

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[29 - 03 - 08, 07:55 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين

اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

[الشيخ طاهر الجزائري]

من رواد الدعوة السلفية في بلاد الشَّام في العصر الحديث

الشيخ طاهر الجزائري إحدى الشَّخصيات البارزة التي شاركت مشاركة فعَّالة في المرحلة التَّاريخية التي اصطُلح على تسميتها (عصر النَّهضة أو اليقظة) في البلاد العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين، ولم تنلْ حظَّها الكافي من الدِّراسة العلمية، مع أنَّ الشيخ يعد نموذجاً يعبِّر تعبيرًا واضحًا عن التيَّار الذي تبنَّى التَّواصلَ الفكري والرُّوحي مع التُّراث العربي الإسلامي، مع الانفتاح على الغرب وثقافته، والانتفاع بثمرات علومه الحديثة، ذلك التَّيار الذي مثَّله في بلاد الشَّام عددٌ من العلماء المجددِّين أمثال الشَّيخ حسين الجسر، والشيخ جمال الدين القاسمي.

فمَنِ الشيخُ طاهر الجزائري؟ وماذا كان أثره في النَّهضة؟ وماذا عن آثاره ومؤلفاته؟

لعلِّي في هذه العجالة أجيب عن هذه التَّساؤلات، وأجدها فرصةً ثمينةً بحقٍّ أن نطَّلع على حياة إمامٍ كبيرٍ، تميَّز بين علماء عصره، وأثَّر في جيله تأثيراً كبيراً، بحيث صار مدرسةً فكريَّةً جامعة.

لمحاتٌ من حياته:

ولادته ونسبه:

ولد الشيخ طاهر في دمشق في ليلة الأربعاء الموافقة للعشرين من شهر ربيع الآخر سنة 1268هـ-1825م.

أما نسبه، فهو طاهر بن صالح بن أحمد بن حسين بن موسى بن أبي القاسم الجزائري الدِّمشقي الحسَني.

وقد نُسب إلى دمشق موطن ولادته ونشأته ووفاته، ونُسب إلى الجزائر لأنه البلد الذي جاءت منه أسرتُه مهاجرةً إلى دمشق بعد الاحتلال الفرنسي.

أما نسبه (الحسَني)؛ فقد جاء -كما يقول بعض مؤرِّخيه- من اتصال نسب أسرته بالإمام الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.

نشأته العلمية وشيوخه:

نشأ الشيخ طاهر في حجر والده الشيخ صالح الجزائري، والشيخ صالح كان ممن هاجر إلى دمشق في الهجرة الجزائرية الأولى سنة 1263هـ-1846م، وبعد أن استقرَّ به المقام فيها بدأ يتردَّد على مجالس علمائها، حتى ذاع علمه، وعُرف فضله، فأُسند إليه منصب إفتاء المالكية في دمشق، وأصبح يعيد درس صحيح البخاري للشيخ أحمد مسلم الكزبري تحت قبَّة النَّسر في الجامع الأموي، وفي ذلك ما لا يخفى من احتفاء علماء دمشق به واعترافهم بقيمته العلمية.

أخذ الشيخ طاهر على يدي والده مبادئَ علوم الشَّريعة واللُّغة العربية، ثم أدخله والدُه مدرسةَ رشدية الابتدائية، بعد ذلك التحق بالمدرسة الجقمقية الإعدادية، فتابع دراستَه هناك، وتخرَّج على الأستاذ الشيخ عبد الرحمن البوسنوي، وقد تلقَّى على يديه اللغة العربية، والفارسية، والتُّركية، وتوسَّع في دراسة العلوم الشَّرعية.

ثم اتصل بعد تخرجه بعالم عصره الشيخ عبد الغني الغنيمي الميداني، وكان هذا العلَم على جانبٍ عظيمٍ من التَّقوى والورع، حتى وُصف بأنه يمثل صورة السلف الصالح، وكان له أكبرُ الأثر وأعمقه في تكوين الشيخ طاهر العلمي وفي توجيهه نحو الإصلاح والقيام بأعبائه، فقد طبعه بطابعه، وأنشأه على أصحَّ الأصول العلمية الدِّينية.

تكوينه العلمي:

استوعب الشيخ الجزائري جملة معارف عصره القديمة والحديثة، فإلى جانب تعمُّقه في دراسة علوم الشَّريعة واللُّغة من فقهٍ وأصولٍ وتفسيرٍ وحديثٍ وعقيدةٍ ونحوٍ وصرفٍ وبلاغة .. نال حظاً وافراً من علوم الطِّبيعة والتَّاريخ والجغرافية والآثار، وتعلَّم شيئاً من الرِّياضيات والفيزياء، وعكف على دراسة اللُّغات الشَّرقية فأتقن منها التُّركية والفارسية –وكان ينظم بهما كنظمه بالعربية- وتعلَّم السُّريانية، والعبرية، والحبشية، والبربرية، والفرنسية وتكلَّم بها، فكانت هي التي أعانته على الاتِّصال بالثَّقافة الغربية.

وتعلَّم كثيراً من الخطوط القديمة ليتمكَّن من دراسة الآثار وقراءة المخطوطات.

وكان يعرف السِّياسة، وما ينبغي لها، وحالة الغرب واجتماعه، والشَّرق وأممه وأمراضه معرفة إخصائي خبير.

لقد أعاد الشيخ إلى الأذهان بالفعل نماذجَ كبار علماء الإسلام ممن استوعبوا ثقافات عصرهم، أمثال ابن خلدون وغيره.

صفاته وأخلاقه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير