الشيخ علي الخفيف .. الفقيه المجدِّد
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[09 - 03 - 08, 12:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
لمحاتٌ من حياته:
مولدُه ونشأته:
ولد الشيخ علي محمَّد الخفيف في سنة 1309هـ-1891م في قرية الشُّهداء بالمنوفية، وهي من أخصب جهات مصر وأكثفها سكاناً، تقع جنوبي الدِّلتا بين دمياط ورشيد.
وقد نشأ الشيخ في أسرةٍ كريمةٍ محافظةٍ، وجَّهت ابنها منذ نعومة أظفاره لحفظ القرآن الكريم في كتَّاب القرية.
بعد أن أتمَّ الشيخُ علي الخفيف حفظَ كتاب الله وتعلم مبادئ العلوم في كتَّاب القرية، التحق بالأزهر سنة 1904م، وكان التَّدريس في الأزهر في ذلك الوقت في حَلَقاتٍ متفرِّقة، يجلس فيها الطُّلاب إلى شيخهم الذي يتخذ أحد أعمدة المسجد، دون التزام بدوامٍ أو منهجٍ معيَّن، وكانت المواد الدِّراسية تقتصر على اللُّغة العربية والعلوم الشَّرعية، في حين بقيت العلوم الأخرى من رياضيات وجغرافية وفلسفة وقانون وإدارة مهجورةً، كما كان الأساتذة يفتقرون إلى التَّخصص.
لهذا كلِّه لم تطل إقامةُ الشيخ علي في الأزهر، فانتقل في نهاية سنة 1906م إلى معهد الإسكندرية الدِّيني، إذ وجد فيه المعهد العلمي الذي يجمع في تدريسه بين القديم والحديث.
وقد أنشئ هذا المعهد بتوجيهات الشيخ محمد عبده للشيخ محمود شاكر، واختير له المدرسون والأساتذة الأكْفاء، ومن الطَّلاب الذين تبدو عليهم ملامح النُّبوغ والنَّباهة.
ولمَّا علم الشيخ علي الخفيف بإنشاء مدرسة القضاء الشَّرعي سنة 1907م، انتقل إليها وترك معهد الإسكندرية، لأنَّ هذه المدرسة فاقت في مناهجها ونظامها معهدَ الإسكندرية الدِّيني.
وقد بقي الشيخ في هذه المدرسة ثماني سنوات، حتى نال الشَّهادة العالية فيها التي تؤهِّله لتولِّي مناصب عديدة، منها القضاء، والمحاماة، والتَّدريس. وكان ذلك سنة 1915م.
شيوخه:
أخذ الشيخ محمد أبو زهرة العلمَ والخلق والفضيلة عن شيوخ أماجد، وعلماء أفذاذ، ومربين أُصلاء، وجَّهوه إلى الخلق الكريم، والعلم الشَّرعي الحكيم، والبحث في الفقه، والتَّدقيق في الآراء، والمناقشات العلمية للأدلَّة. ومن هؤلاء:
- الشيخ أحمد إبراهيم بك: أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، تولَّى مناصب عدة، فكان مدرِّساً للفقه الإسلامي في مدرسة القضاء الشَّرعي، وأستاذاً مساعداً للشَّريعة الإسلامية في مدرسة الحقوق فيما بعد، ثم في كلِّية الحقوق في الجامعة المصرية، له عدَّة كتب وبحوث في الفقه.
- الأستاذ محمد عاطف باشا بركات: ناظر مدرسة القضاء الشَّرعي، والأب الأول لها، ورئيس نادي دار العلوم.
- الشيخ محمَّد الخضري: ويعد من الرُّواد في تاريخ التَّشريع الإسلامي، وقد تخرَّج في دار العلوم، وعمل في التَّدريس، وعُيِّن أستاذاً بمدرسة القضاء الشَّرعي، وقد ألَّف في أصول الفقه والتَّاريخ وغيرها.
- الشيخ محمَّد عبد المطلب واصل: وهو شاعرٌ موهوب، غرس في تلاميذه حبَّ الأدب والفضيلة، ودفعهم إلى التَّعصب للُّغة العربية، وكان أستاذاً للُّغة العربية بمدرسة القضاء الشَّرعي، نشر في الصُّحف المصرية نظماً ونثراً.
- الشيخ فرج السنهوري: نال الشَّهادة العالية من مدرسة القضاء الشَّرعي، وعُيِّن قاضياً، وتقلَّبت به المناصب، حتى اختير وزيراً للأوقاف، عاصره الشيخ علي الخفيف في أثناء دراسته في مدرسة القضاء الشَّرعي.
وظائفه:
تولى الشيخ علي الخفيف عدَّة وظائف مرموقة في التَّدريس الجامعي، والقضاء الشَّرعي وإدارة المساجد.
في التَّدريس الجامعي: رُشِّح الشيخ علي الخفيف من قبل كثير من المؤسسات الجامعية للقيام بمهمة التدريس الجامعي، ومنها مدرسة القضاء الشَّرعي، وجامعة القاهرة، ومعهد الدِّراسات العربية.
ففي السَّنة التي تخرَّج فيها الشيخ من مدرسة القضاء الشَّرعي، وقع اختيارُ مجلس إدارة المدرسة عليه ليكون عضوَ هيئة تدريس فيها، وفي هذه المدرسة النَّاهضة اختير الشيخ لتدريس الفقه الإسلامي، وهو المادة الأساسية فيها، والتقى الأستاذ الشابُّ الطلبةَ لقاء الودِّ والصَّداقة، والبذل والعطاء، والتَّوجيه والإرشاد.
¥