وهو كريمٌ يكرم جلساءه بما عنده من طيب الكلام قبل طيب الطعام، يظن الجالس عنده أنه سيد الجلسة، و أنه الأقرب إلى قلب الشيخ و نظره، هكذا يحس الجالس عنده، لا يترك أحداً إلا و يسأله عن اسمه و أين يسكن و يسترسل معه و يفخم من أمره إن كان من طلبة العلم تشجيعاً له
وشيخنا كريم اليد، واجتماعي، كان يحضر دعوات الناس ومناسباتهم، إلا أن ميزته على كثير من المشايخ غيره أنه لا يكاد يضيع دقيقة من الوقت دون إرشاد ونصح،
*و الشيخ عفيفُ اليد، لا يأخذ شيئاً من أحد.
بل لقد غَضِبَ ذات مرّة غضباً شديداً من أحدهم، لمّا أخرج له مالاً مُقابل الفتوا و أصرّ في هذا، ظَنّاً من المسكين أن الشيخ كأشباه العلماء الذين يأخذوا الأموال الكثيرة لأجل إفتائهم
**تواضع العلماء:-
من أهم صفاته أنه لا يعرف التكبر ولا يرى لنفسه حظا، فقد كان شديد التواضع بالفطرة وزاده العلم تواضعا، ويكتب دائما في توقيعاته وعند اسمه: "العبد الفقير إلى الله العلي القدير، عبدالقادر الأرناؤوط، خادم علم الحديث في دمشق"،
وهو آية في ترك التكلف،
*ومن تواضع الشيخ: أنه إذا تكلم عن أحد طلابه يقول: أخونا فلان، أو: الشيخ فلان. وإذا تكلم عن نفسه أو كتب قال: طالب علم. وإذا أثنى عليه في وجهه مد يديه كهيئة المستغرب وقال: أستغفر الله .. أستغفر الله. و من أخلاق الشيخ تواضعه للحق و سماعه ممن دونه
****
*متسلحاً بالتقوى والإخلاص لله تعالى. استطاع الشيخ بفضل من الله أن يدخل إلى قلوب الناس بتواضعه ومحبته لهم وحسن أخلاقه. ولقد عرفه أهل دمشق وغيرها في خطبه على المنابر، وفي دروسه في المساجد، بجرأته على قول الحق وبمنهجه في الدعوة، ودفاعه عن السنة النبوية الشريفة
وهذه هى الأسلحة التى يجب أن ٌ يتسلح به كل داع إلى الله إذا أراد لدعوته أن تقوم لها قائمة أو أن تنشط من سبات.
...
**خدمته للحديث وكتبه:-
كان باكورة أعماله تحقيقه لكتاب "غاية المنتهى" في الفقه الحنبلي، وكان الشيخ جميل الشطي رحمه الله قد بدأ به ولم يتمه، فطلب من الشيخ إتمامه.
وفي بداية الستينيات انتظم الشيخ للعمل مدرسا لقسم التحقيق والتصحيح في المكتب الإسلامي بدمشق، وذلك بصحبة الشيخ شعيب الأرناؤوط -حفظه الله- واستمر في عمله هذا حتى عام (1968 - 1389هـ) تقريبا.
ومنذ تلك الفترة قام الشيخ بالاشتراك مع الشيخ المحقق شعيب الأرناؤوط بتحقيق وتصحيح العديد من الكتب الإسلامية التي صدرت عن المكتب الإسلامي، وأهمها:
- زاد المسير في علم التفسير- لابن الجوزي (9 مجلدات).
- المبدع في شرح المقنع - لابن مفلح (8 مجلدات).
- روضة الطالبين وعمدة المفتين - للنووي (12 مجلدا).
- زاد المعاد في هدي خير العباد - لابن القيم (5 مجلدات).
- جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام - لابن القيم (مجلد).
يقول الشيخ عن نفسه: "إني بعونه تعالى قد حققت أكثر من خمسين كتابا كبيرا وصغيرا في الفقه والحديث والتفسير والأدب وغيرها، وهي موجودة في العالم الإسلامي…".
ومن أهم الكتب التي حققها الشيخ بمفرده: كتاب "جامع الأصول" لابن الأثير الذي أشرنا إليه سابقا، وقد استغرق عمله في هذا التحقيق مدة خمس سنوات كاملة، كما أنه كان سببا لشهرته، ومن بين الكتب الأخرى نجد:
- مختصر شعب الإيمان - للبيهقي.
- الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان - لابن تيمية.
- كتاب التوابين - لابن قدامة المقدسي.
- كتاب الأذكار - للنووي.
- كتاب الشفا في تعريف حقوق المصطفى - للقاضي عياض.
- كفاية الأخيار - للحصني.
- شمائل الرسول - لابن كثير.
- الإذاعة لما كان ويكون بين يدي الساعة - لمحمد صديق حسن خان .. وغيرها.
رحم الله الشيخ وأجزل له المثوبة.
*يعرض الشيخ عموما عن التأليف لأنه يجد نفسه أمام مهمة يؤمن أنها أهم منه، وهكذا يبرر ذلك بقوله: "… المؤلفات كثيرة، والتحقيق أولى، وذلك حتى أقدم الكتاب إلى طالب العلم محققا ومصححا حتى يستفيد منه ... ".
¥