تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا، وقد تكلم العلماء عن التصوف، وكتبوا فيه وردوا على باطله، وأشادوا بما فيه من الحق كما يتضح لنا ذلك في رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية مثل: «العبودية» و «التحفة العراقية في الأعمال القلبية» و «رسالة الفقراء»، وغيرها من الفتاوى والرسائل والبحوث التي ظهرت في مجلدين من «مجموع فتاويه»، أحدهما تحت عنوان «السلوك». وكذلك مؤلفات تلميذه المحقق ابن القيم في ذلك وهي كثيرة منها: طريق الهجرتين، وعدة الصابرين، وذخيرة الشاكرين، والداء والدواء، وأعظمها «مدرج السالكين شرح منازل السائرين».

طريقته في التربية:

و الشيخ –حفظه الله– عالم مربٍّ يُربّي الناس بصغار العلم قبل كباره. و لذلك أقبلت العامة –بدمشق و غيرها من المدن– عليه، حيث وَجَدَتْ عنده أُنْسَ المستوحش، و حنان المُربّي. فالشيخ معروفٌ بعُلوّ أخلاقه و نزاهة باطنه. لا تَسمَعهُ يذكر أحداً بسوءٍ أو يطعن فيه، إلا مبتدعاً مجاهراً مغالياً في بدعته. لا ترى و لا تسمع منه كلمةً نابيةً. فهو مجمعٌ للفضائل. وكان صورةً من شيخه العلامة محمد بهجة البيطار العالم السلفي التيمي رحمه الله. و قد تصدر شيخنا حلقة شيخه بعد وفاته، فصار يُدرّس في مسجده كتب العلم –و منها التفسير– و ذلك بعد صلاة الفجر من كل يوم.

و شيخنا –حفظه الله– جوادٌ كريمٌ لا تكاد ترى مثله و إن كان له نظائر –بحمد الله–، لا يردّ أحداً من المحتاجين. كم و كم رأيناه يعطي طلبة العلم و ينفق عليهم، و بالأخص من الغرباء من الألبانيين و غيرهم. وهو كريمٌ يكرم جلساءه بما عنده من طيب الكلام قبل طيب الطعام، يظن الجالس عنده أنه سيد الجلسة، و أنه الأقرب إلى قلب الشيخ و نظره، هكذا يحس الجالس عنده، لا يترك أحداً إلا و يسأله عن اسمه و أين يسكن و يسترسل معه و يفخم من أمره إن كان من طلبة العلم تشجيعاً له. و مجالس الشيخ مجالس فيها من العلم و الأدب و الطرفة ما يذكر عن مجالس العلماء، هذا سائل فيجيبه الشيخ و هذا مناقش و هذا مسترشد. و يتخلل كل هذا طرفة من الشيخ، فهو بشر يضحك مما يضحك منه الناس. وهو رجل اجتماعي يحبُّ الناس. اجتمع فيه الكثير من خصال الخير –نحسبه كذلك و لا نزكيه على ربنا–.

4 - سيرته مع العلماء:

أقوال بعض علماء عصره فيه:

يقول الشيخ الدكتور وهبة الزحيلي (رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه بكلية الشريعة بجامعة دمشق) عنه: «إني أعرف الأخ الشيخ عبد القادر منذ زمن بعيد، وقد صاحبته في سفرٍ إلى روسيا. وهو يتميز بسلامة لُغتِه، وقوة حافِظَته، وتقواه، و وَرَعِهِ، ومحبة الناس له، ومعرفته بأحكام الحلال والحرام، وتميزه بحفظ الأحاديث النبوية: بالرجوع إلى مصادرها وضبطها ومعرفة الأحكام المترتبة عليها. ويتميز أيضاً بأنه ذو خُلُقٍ كريم، وأدب رفيع، ويحترم أهل العلم، ويجد فيهم ويجدون فيه أُنْساً وفضلاً وحُباً للسُّنة النبوية والعناية بها. وقد شهد له عالم التأليف والتصنيف، تحقيقاتٍ كثيرةٍ دقيقةٍ وجيدةٍ وممتازةٍ مثل تحقيق كتاب "جامع الأصول" لابن الأثير الجزري، وغيرها من كتب الحديث. وكل ذلك إنما يُنبئ عن عِلمٍ غزيرٍ، وفَهمٍ دقيق، ومتابعة للروايات، وتعرف على رجال الحديث والسنة ... ».

ويقول الشيخ الدكتور مصطفى ديب البغا –حفظه الله– (أستاذ الحديث وعلومه في كلية الشريعة بجامعة دمشق) عنه: «الشيخ عبد القادر رجلٌ عالمٌ، طيبٌ، وورع، ومُحَقّقٌ، ومعتدلٌ في مواقفه. هذا ما أعرفه عنه. وفي مسألة فتواه عن الطلاق، فهو يقصد منها التيسير على الناس، وليس التساهل في الدين».

ويقول فضيلة الأستاذ محمد رياض المالح –رحمه الله– عنه: «نشهد بأن الشيخ عبد القادر –حفظه الله، ونفع الأمة بعلمه– رجلٌ فاضلٌ عفيف اللسان. وهذا شأن العلماء. و الجميع يشهد بنزاهته، وتواضعه، ومعاملته الحُسنة للآخرين. وإننا جميعاً نُقدِّرُ عمله العظيم في تحقيقه لكتاب "جامع الأصول" الذي لاقى قبولاً كبيراً بين الناس، وحَقَّقَ للجميع النفع والفائدة المرجُوّة».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير