تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- وهنا وقفة مهمة للغاية ودراسة مهمة تستحق العناية للأستاذ أسامة شاكر تجيب على سؤال كيف ضاعت أراضي فلسطين وكيف استولى عليها اليهود إلى جانب أنها تطلعنا على مدى تأثره بالقضية الفلسطينية إلى الحد الذي جعله لا يكمل دراسته العليا في مرحلة الماجستير.

يقول رحمه الله: إنه في أثناء دراسته بكلية التجارة – جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) سنة 1944/ 1945 حيث كان بالسنة الرابعة (قسم العلوم السياسية) لنيل درجة البكالوريوس قامت الكلية برحلة لفلسطين كان برفقته فيها زملاؤه السفير أشرف غربال – سفير مصر الأسبق بأمريكا ومحمد رياض محمود رياض وزير الدولة للشؤون الخارجية الأسبق، وقد كان السفر بالقطار عن طريق الجولان، وبعد أن وصلوا القدس يقول: (صلينا بالمسجد الأقصى وقبة الصخرة، وزرنا مُدُنًا، منها الخليل ورام الله وبيت لحم .. وفي الطريق زرنا عدة بلاد أخرى صغيرة، واجتمعنا مع زعمائها وقادتها، وقد استفسرنا منهم عما يشاع من أنهم يبيعون أراضيهم لليهود، فقالوا: إن هذه ليست الحقيقة؛ لأن الحقيقة المرة خافية عن المسئولين بالدول العربية الأخرى، ولكن تلك الإشاعات يروجها الصهيونيون لضرب العرب بعضهم بالبعض الآخر ثم الإشاعة بأن وعد بلفور هو بدء المشكلة الفلسطينية، ولكن الواقع أن وعد بلفور هو بداية النهاية للمشكلة الفلسطينية وليس بدايتها. أما بدء المشكلة؛ فإنه بعد دعوة " هرتزل " قبل سنة 1900 بإنشاء وطن قومي لليهود من النيل إلى الفرات قام المليونير الصهيوني " روتشلد " بالحضور إلى مصر لمحاولة إنشاء بنك في مصر لتمويل قروض أصحاب المزارع المصريين، فرفض الخديوي عباس حلمي الثاني، فقام " روتشلد " باستغلال سذاجة سلطان الدولة العثمانية آنذاك باقتراح إنشاء هذا البنك فأنشئ البنك العثماني الذي أنشأ فروعا متعددة له على أرض فلسطين لإقراض المزارعين السذج. وكانت شروط القروض في ظاهرها سخية، ولكن في حقيقتها مصيدة لهم إذ كانت أهم شروط البنك قيام البنك العثماني بإقراض ملاك الأراضي الزراعية مقابل رهن أراضيهم أمام شروط سخية، أهمها – وهي الأخطر – أن تكون فائدة القروض بسيطة، وشروط السداد حينما يتيسر للمقترض الساذج، أو عند طلب البنك سداد القرض، ومن سذاجة أصحاب الأراضي حصلوا على قروض كثيرة).

ويتابع قائلا: (ثم بعد وعد بلفور بدأ التخطيط الصهيوني للاستيلاء على الأراضي والمدن الفلسطينية، فكان الصهيونيون – بالاتفاق مع إدارة البنك يحددون للبنك العثماني الأماكن المطلوب الاستيلاء عليها، فيقوم البنك بمطالبة أصحاب الأراضي المحيطة بالبلدة - في أول الكردون من الخارج – من جميع نواحيها (المدينون) بسداد القروض فورا طبقا للشروط بأن يتم السداد عند الطلب مع تحديد فترة زمنية قصيرة لسداد القروض، وطبعا يعجز المدينون عن السداد، فيقوم البنك بمصادرة الأراضي وتسليمها لليهود مقابل سداد القيمة فيستولي اليهود على جميع الأراضي فيحاصرون البلدة بأكملها من الخارج ويمنعون أصحاب الأراضي الأخرى داخل كردون المدينة من تصريف منتجاتهم حتى يتعرضوا للإفلاس، فيتدخل البنك بالمطالبة بالقروض ثم تتم مصادراتها وتسليمها لليهود لإنشاء مستعمرات (التي كانوا يطلقون عليها كيرين كيميت وكيرين هيزود وهي كلمات عبرية لا أذكر معناها) وبذلك ضاعت أراضي العرب. ثم يطلق الصيونيون إشاعاتهم بأن العرب الفلسطينيين هم الذين يبيعون لهم أراضيهم عن طيب خاطر، ويترتب على ذلك أن الدول العربية الأخرى يتهمونهم بالخيانة).

يذكر الأستاذ أسامة أنه تعمد دراسة هذه الوقائع؛ لأنه كانت لديه رغبة في دراسة الماجستير في العلوم السياسية عن فلسطين. يقول: (وفعلا عندما أنهيت دراسة الماجستير (السنة الثانية في مايو 1947) كنت قد أبلغت الكلية بموضوع الرسالة وبدأت إعدادها، وفوجئت بعد فترة باستدعائي لمقابلة عميد الكلية آنذاك حسين كامل سليم - رحمه الله – ولما قابلته أبلغني بأن هناك تعليمات (التي تسمى الآن توجيهات) بعدم إعداد تلك الرسالة أو الخوض في تلك المشكلة إطلاقا، وأنبأني بأنهم قد اختاروا لي موضوعا آخر وهو " البترول وأثره في التنافس السياسي والاقتصادي بين انجلترا وروسيا في إيران " فاعترضت على ذلك وقلت له: " الأفضل أن نتعرض لمشاكلنا قبل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير