تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والبحث المشارإليه فيه حشد كبير للآثار والأخبار، وفي بعضها استدلال بها في غير محلها ـ كما أن بعضها ضعيف جدًا لا يصلح للاحتجاج، كقوله: (ومعلوم أن زيد بن ثابت ومن معه لم يكونوا يقبلون من أحد شيئاً إلا إذا شهد اثنان من المسلمين على أن المكتوب الذي معه قد كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بموجب الدستور الذي وضعه أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه في جمع القرآن، فقد جاء في الحديث أن أبا بكر قال لعمر وزيد اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب اللّه فاكتباه).

ثم ماذا يضير نقل القرآن إذا كان القرآن المكي قد كُتب في المدينة، وليس في مكة؟!

أليس جبريل كان يعارض محمدًا صلى الله عليه وسلم بالقرآن كل سنة؟!

أليس محمد صلى الله عليه وسلم يقرأ على الصحابة في صلواته وفي خطبه وفي غيرهما القرآن؛ مكيَّه ومدنيَّه؟!

أليس الصحابة من الأنصار قد أخذوا القرآن المكي عن الصحابة المكيين لما قدموا إليهم؟!

فماذا يضير بعدُ أن لا يكون القرآن قد كُتِب في مكة؟!

ثمَ إن ميزة الحفظ التي كانت تُعرف عند العرب مما يجب أن لا نغفل عنها؛ لأنها من أكبر مقومات حفظ القرآن، وكان العرب يتميزون بذلك، فكيف سيكون الحال مع الصحابة الذين يتلقون كتاب ربهم من فمِ نبيهم مباشرة بلا كتاب، كما قال أبو وائل: (خطبنا بن مسعود فقال كيف تأمروني أقرأ على قراءة زيد بن ثابت بعدما قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة وإن زيدا مع الغلمان له ذؤابتان). رواه النسائي في الكبرى، ورواه غيره.

ولو جُمِعت الآثار التي فيها نص على تلقي القرآن من فيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، لوجِد عدد لا بأس به.

وإن كتابة المصحف ـ مع ما كان عند الصحابة من عناية بها ـ لا تعدل الحفظ أبدًا، بل كان الحفظ هو الأصل، ولم تكن المصاحف منتشرة كما نراه اليوم.

إن طعن المستشرقين الذي اعتمد عليه الباحث (عبد الرحمن عمر محمد اسبينداري) لا يبيح لنا تجاوز التحقيق العلمي في تقويم المسائل، وإني ألاحظ في كتابته إندفاعًا في الردِّ على مسائل لا تؤثر على نقل القرآن الكريم، وما فعله ذلك إلا لأن المستشرقين تعرضوا لها، وزعموا أنها طعون في نقل القرآن.

ثم كون بعض المكيين من الصحابة كان يكتب، فإنه لا يمكن الجزم بأنهم كلهم تعلموا الكتابة في مكة.

وكم يفرحني وقوع هذا الانتقاد من الاخ (محمد براء)، لأنها فرصة جيدة لمن يدرس طلاب الدراسات العليا ليجلُّوا هذه المسألة، فهي ـ في نظري إلى الآن ـ تحتاج إلى مزيد بحث وتحرير.

ـ[محمد براء]ــــــــ[20 Jun 2010, 09:21 م]ـ

الدكتور الفاضل مساعد الطيار حفظه الله:

تتميماً لما تفضلتم به:

إن صح ما قاله ابن عاشور في مقدمة تفسيره: " عَلَى ترتيبِ قراءَةِ النَّبِيِّ e في الصَّلَوَاتِ الجهرِيَّةِ وفي عديدِ المناسَبَاتِ حَفِظَ القُرآنَ كُلُّ مَن حَفِظَهُ كُلاًّ أو بعضَاً، وليسَ لهُم مُعتَمدٌ في ذلكَ إلا مَا عُرِفُوا به مِن قُوَّةِ الحَوَافِظِ (1)، ولم يكونُوا يعتَمِدُونَ عَلَى الكِتَابَةِ، وإنَّمَا كانَ كُتَّابُ الوَحيِ يكتُبُونَ مَا أنزلَ منَ القُرآنِ بأمرِ النَّبِيِّ e ، وذَلِكَ بتوقِيفٍ إلهيٍّ. ولعلَّ حكمَةَ الأمرِ بالكِتَابَةِ أن يرجعَ إليها المسلمُونَ عندما يحدُثُ لَهُم شَكٌّ أو نِسيانٌ ولكنَّ ذَلِكَ لم يَقَع ".

فإن مسألة ثبوت كتابة القرآن سواء في مكة أو المدينة تصبح مسألة تاريخية لا تأثير لها على حفظ الله تعالى لكتابه، بحيث لو فُرض أنه لم يثبت خبرٌ قطُّ في أن القرآن كان يكتب في مكة أو في المدينة لما كان ذلك خارماً في حفظ الله تعالى لكتابه، لأن الاعتماد في الحفظ لم يكن على الكتابة وإنما على قوة الحوافظ لدى أصحاب النبي صل1.

فما رأيكم بكلام ابن عاشور؟

وبالاستنتاج الذي استنتجته منه؟


(1) أخرج ابن جرير في تفسيره (15132) عن قتادة أن موسى عليه السلام لما أخذ الألواح قال: " ربِّ إنِّي أجدُ في الألواحِ أُمَّةً أناجيلُهم في صُدُورهم يقرأونَهَا، وكان من قبلَهُم يقرأُون كِتَابهم نَظَرًا، حتى إذا رَفَعُوها لم يحفَظُوا شيئًا، ولم يعرِفُوه.
- قال قتادة: وإن الله أعطاكم أيَّتُها الأمةُ من الحفظِ شيئًا لم يُعطِهِ أحدًا من الأُمم -.
قال موسى: ربِّ اجعلهم أمتي! قال الله: تلك أُمَّةُ أحمَد!

ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[20 Jun 2010, 09:50 م]ـ
موضوع مهم يجتذب المؤرخين والمتخصصين في علوم القرآن والتدوين.
ليس لدينا نصوص قطعية تحسم الأمر في هذه المسألة شأن كثير من القضايا، وليس لنا إلا التخمين.
لكن ما يجعلنا نميل إلى أن قسطا كبيرا من القرآن المكي قد كتب قبل الهجرة أمور من أهمها أن الكتابة
كانت في أهل مكة وأن الأسرى قد طلب إليهم أن يعلموا الكتابة لأبناء الأنصار. وإن ضُعفت هذه الرواية.
وأن لدينا نصوصا صحيحة تثبت أنهم كانوا يتدارسون القرآن على صحائف كما حصل لفاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، فهذه حادثة لا يكون تعميمها خطأً في الاستقراء لأنها مما يمكن
حصوله ومما يترجح معها كتابة أكثر القرآن المكي.
لكن ثم أمورا لا ينبغي إغفالها أبدا منها أن الخطّ العربي كان ضعيفا فيه 17 رمزا لـ33 صوتاً ولم يتطور ليصبح
قادرا على نقل النص بنفسه إلا بعد قرن تقريباً. بل كان في عصر النبي صل1 والخلقاء الراشدين رض3 مساعدا للحفظ.
ومع ذلك يظل للكتابة قيمة فمساعدة الحفظ أمر ليس بالقليل ولا سيّما في ترتيب الآيات في أماكنها.

وأما قول ابن حجر إن ابن أبي سرح كان مما يكتب في مكة فأمر فيه نظر. إذ يبدو أنه كان يكتب في المدينة
وهذا معنى قولهم فلحق بالكفار. والله أعلم
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير