تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بن جرير لم يكن كثيرا» (7). يقع تفسير ابن جرير في ثلاثين جزءا من الحجم الكبير «كان من عهد قريب يكاد يعتبر مفقودا ... إلى أن وجدت في حيازة أمير حمودة ابن الأمير عبد الرشيد من أمراء نجد، نسخة مخطوطة كاملة من هذا الكتاب، طبع عليها الكتاب من زمن بعيد» (8).

عرف الكتاب كثيرا بأنّه «جامع البيان في تفسير القرآن»، عوضا عن العنوان الذي ذكره مؤلّفه في كتاب «تاريخ الملوك» عند تعرّضه لقصة خلق آدم عليه السلام: «و قيل أقوال كثيرة في ذلك حكينا منها جملا في كتابنا المسمى جامع البيان عن تأويل آي القرآن» (9).

طبع جامع البيان عن تأويل آي القرآن، الطبعة الأولى في المطبعة الأميرية في بولاق بمصر و بهامشها تفسير النيسابوري سنة 1235هـ/1819م، وطبعة الثانية بمطبعة دار المعارف بمصر سنة 1374هـ/1954م، بتحقيق و تعليق الأستاذ المحقّق محمود محمد شاكر و مراجعة الأستاذ أحمد محمد شاكر (10). كتب لهذا التفسير الذيوع و الشهرة بين أهل العلم، فقد كان عمدة أصحاب التفاسير بالمأثور و ربماّ عدّ النواة و المرجع لأصحاب التفاسير بالمعقول، لما تميّز به الطبري من الاستنباط والترجيح ونقده للآثار، ذكره الذهبي قائلا: «بأنّه التفسير الذي له الأولويّة بين كتب التفسير، أولويّة زمنيّة و أولويّة من ناحية الفنّ و الصناعة» (11). بهذا عدّ تفسير الطبري من الموسوعات التي جمعت التطور المعرفي و المنهجي الذي حصل في تاريخ الثقافة العربية و الإسلامية بصفة عامّة، و التفسير بصفة أخص لما استبطنه متنه من ملامح العصر بجوانبه الفكريّة و الاجتماعيّة و السياسيّة، جمع فيه الطبري المرويات عن الرسول صلّى الله عليه و سلمّ و عن صحابته رضي الله تعالى عنهم و عن تابعيهم، كما خاض في مسائل فكريّة و تاريخيّة و اجتهاديّة فقهيّة و عقدية الكلامية.

4 - منهجه في التفسير:

أثار المنهج الذي اعتمده الطبري في تفسيره خلافا بين العلماء في تصنيفه بين المفسرين بالمأثور أم بالمعقول، و حاول بعضهم التدليل على أن ّ تفسير الطبري إنّما هو في الحقيقة جمع بين الاثنين و لا تناقض بينهما (12). حدّد الطبري في مقدمة تفسيره المنهج العام الذي اعتمده في تأويل آي القرآن الكريم،جاء ذلك تحت عنوان: القول في الوجوه التي من قبلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن، و هي عند ه ثلاثة وجوه. الوجه الأول: لا يجوز القول فيه إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه و سلم بتأويله بنصّ عليه، أو بدلالة قد نصبها دالة أمثلة على تأويله. الوجه الثاني: ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار، و ذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت الساعة، و النّفخ في الصور، و نزول عيسى ابن مريم و ما أشبه ذلك. الوجه الثالث: ما يعلم تأويله كّل ذي علم باللّسان الذي نزل به القرآن، و ذلك بإقامة إعرابه و معرفة المسمّيات باسمها غير المشترك فيها، و الموصوفات بصفاتها الخاصّة دون ما سواها، فإنّ ذلك لا يجهله أحد منهم (13). و عليه فإنّ الوجه الأول والثالث هما اللّذان يمكن أن يكونا مجالا للتأويل.

الوجه الأول: اعتمد فيه أصلين رئيسيين:

1 - ما أثر عن الرسول صلّى الله عليه و سلّم (14)، وكان لهذا الجانب الأولويّة المطلقة بالرغم من ظهور الوضع و الكذب عليه صلى الله عليه و سلم، و هو ما قد يثقل كاهل الأخذ بهذا المنهج في تفحص و تتبع صحة الأسانيد و تعقبها بالجرح و التعديل.

2 - 2 - ما أثر عن السلف (15) الاعتماد على مأثور السلف: يعتبر المأثور من الأصول المعتمدة في منهجه العلمي في التفسير وهو ما تقتضيه أيضا أوضاع البيان القرآني نفسه وخصائصه من الكليّة والعموم والإطلاق (16). وبيان ذلك أنّ منهج القرآن الكريم في بيانه للأحكام قد جاء على نحو كليّ غالبا والمراد بالكليّة هو الإجمال دون بيان للكيفيّات والأسباب وللأركان والشروط والموانع، لأنّ هذا ما تكفّلت به السنّة النبويّة التي وصلت إلينا عن طريق النقل والرّواية. إنّ المجمل من حيث هو لا يقع به تكليف المخاطب كما حقّقه أبو إسحاق الشاطبي.

أمّا الوجه الثاني اعتمد فيه على:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير