تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال قتادة، وابن زيد: النبأ العظيم: البعث بعد الموت. وقال مجاهد: هو القرآن. والأظهر الأول لقوله: {الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} يعني: المشركون فيه على قولين: مؤمن به وكافر فالمشركون لم يختلفوا في القرآن فكلهم كافر به أما البعث بعد الموت فقد اختلفوا فيه وإلى هذا ذهب العلامة المحدث ابن كثير رحمه الله في تفسيره الرائع (تَفْسِير القرآن العظيم) (8/ 302) والآثار في ذلك عن السلف ذكرها ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره (جامع البيان في تأويل القرآن) (24/ 149 - 150) فإن قيل قد صدق بعض المشركون من قريش واهل الكتاب من اليهود والنصار بالقرآن ولم يؤمنوا بالإسلام عناداً فأقول ليس هؤلاء مصدقون فهم مكذبون لعدم إيملنهم وإقرارهم فهم متفقون مع من كذبه قلبا وقالبا فهم جميعلا لا يؤمنون بالقرآن فهم متفقون وغير مختلفون في الكفر بالقرآن الكريم فليس المؤمنون من المتسائلين فالمتسائلون هم الكفار من قريش واهل الكتاب من اليهود والنصارى أما المصدقون المؤمنون كعبد الله بن سلام رضي الله عنه كان يهودياً فأسلم فأمثاله ليس من المتسائلين وقد مر ان المتسائلين مشركون وحسب في تفسيرنا الآية السابقة لما في الآيات من تقريع لا يليق إلا بالكافرين وذكرنا كلام الرازي وسيأتي أن الإختلاف في الآية القادمة هو بين تصديق مؤمن وتكذيب وشك كافر.

وهناك قول ثالث في تفسير النبأ العظيم قال الشيخ العدوي في سلسلة التفسير: ومن العلماء من قال: إن النبأ العظيم هو بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وإرساله إليهم.

فهذه ثلاثة أقوال مشهورة في تفسير النبأ العظيم، وكل قول منها قال به بعض العلماء، والذي عليه الجمهور: أن النبأ العظيم هو: البعث بعد الموت، والمراد بالنبأ الخبر.) (إنتهى)

ورواه الطبري في تفسيره (24/ 149) وابن أبي حاتم في تفسيره كلاهما عن الحسن البصري.

قلت: والرد على هذا القول الثالث هو بعينه الرد على القول الثاني بانه القرآن فالمشركون من قريش واليهود والنصارى لم يختلفوا في الكفر والتكذيب لبعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وقد رجح الشيخ العدوي ما ذهبنا إليه إذ قال: (والذي يرجح أن النبأ العظيم هو البعث بعد الموت أن أدلة البعث الأربعة ذكرت في هذه السورة؛ لأن أدلة البعث التي يستدل بها الله في كتابه على البعث تدور على أربعة أشياء، وتتكرر في سور القرآن بأساليب متنوعة، ويصرفها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بسياقات متعددة، وبراهين البعث الأربعة وأدلة البعث الأربعة تدور على الآتي:

الدليل الأول من أدلة البعث: خلق السماوات والأرض، فيستدل بخلق السماوات والأرض على البعث، (ففي سورة النبأ قال سبحانه: (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا) (12) سورة النبأ) ووجه هذا الاستدلال: أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس، كما قال تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر:57]، فالذي خلق الأكبر قادر على خلق الأصغر، إذا كان الله خلق السماوات والأرض فهو قادر على أن يخلق من هو أدنى وأقل من السماوات والأرض، قال تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [غافر:57].

وهذا الدليل يتصرف بعدة أساليب، والمعنى ثابت، فيأتي هذا المعنى في سياقات متنوعة ومتعددة، في خلال قصص، وفي خلال آيات التذكير، وكله ينصب على هذا المعنى: السماوات والأرض أكبر من خلق الناس، فالذي خلقها قادر على أن يخلق الناس، والأدلة على هذا في كتاب الله متعددة: كقوله تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس:78 - 79]، إلى قوله: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس:81]، وكذلك في مطلع سورة (ق) قال الله حاكياً عن المشركين: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} [ق:3]، يقول تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ * بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير