تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(الأنبياء:31) والجبال أوتاد بالنسبة لسطح الأرض، فكما يختفي معظم الوتد في الأرض للتثبيت، كذلك يختفي معظم الجبل في الأرض لتثبيت قشرة الأرض. وكما تثبت السفن بمراسيها التي تغوص في ماء سائل، فكذلك تثبت قشرة الأرض بمراسيها الجبلية التي تمتد جذورها في طبقةٍ لزجةٍ نصف سائلة تطفو عليها القشرة الأرضية (تسمى المنطقة اللزجة "منطقة الوشاح"). ولقد تنبه المفسرون رحمهم الله إلى هذه المعاني فأوردوها في تفسيرهم لقوله تعالى: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا)، واليك أمثلة من ذلك:

1 - قال ابن الجوزي: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) للأرض لئلا تميد (في تفسيره زاد المسير).

2 - وقال الزمخشري (في تفسيره الكشاف) (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا): أي أرسيناها بالجبال كما يرس البيت بالأوتاد.

3 - وقال القرطبي: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) أي لتسكن ولا تتكفأ بأهلها (في تفسيره المسمى الجامع لاحكام القرآن).

4 - وقال أبو حيان: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) أي ثبتنا الأرض بالجبال كما يثبت البيت بالأوتاد (في تفسيره البحر المحيط).

5 - وقال الشوكاني: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) الأوتاد جمع وتد أي جعلنا الجبال أوتاداً للأرض لتسكن ولا تتحرك كما يرسُ البيت بالأوتاد (في تفسيره فتح القدير).

..... إلى أن قال:

أوجه الإعجاز:

إن من ينظر إلى الجبال على سطح الأرض لا يرى لها شكلاً يشبه الوتد أو المرساة، وإنما يراها كتلاً بارزة ترتفع فوق سطح الأرض، كما عرفها الجغرافيون والجيولوجيون. ولا يمكن لأحدٍ أن يعرف شكلها الوتدي، أو الذي يشبه المرساة إلا إذا عرف جزءها الغائر في الصهير البركاني في منطقة الوشاح، وكان من المستحيل لأحدٍ من البشر أن يتصور شيئاً من ذلك حتى ظهرت نظرية سيرجورج ايري عام 1855م. فمن أخبر محمداً - صلى الله عليه وسلم - بهذه الحقيقة الغائبة في باطن القشرة الأرضية وما تحتها على أعماق بعيدة تصل إلى عشرات الكيلومترات، قبل معرفة الناس لها بثلاثة عشر قرناً؟ ومن أخبر محمداً - صلى الله عليه وسلم - بوظيفة الجبال، وأنها تقوم بعمل الأوتاد والمراسي، وهي الحقيقة التي لم يعرفها الإنسان إلا بعد عام 1960م؟! ..... إلى أن قال: لا يكفي ذلك دليلاً على أن هذا العلم وحي أنزله الله على رسوله النبي الأمي في الأمة الأمية، في العصر الذي كانت تغلب عليه الخرافة والأسطورة؟ إنها البينة العلمية الشاهدة بأن مصدر هذا القرآن هو خالق الأرض والجبال، وعالم أسرار السموات والأرض القائل: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ((الفرقان:6).) (إنتهى بتصرف)

ملاحظة: ذكر الزنداني هو ولعله ناقل ذلك عن النجار كلاما لي عليه التنبيه بتعليق سريع بعد سرده من كتابه البينة العلمية في القرآن وهو ما نصه: (أول الجبال خلقاً البركانية: عندما خلق الله القارات بدأت في شكل قشرةٍ صلبةٍ رقيقة تطفو على مادة الصهير الصخري، فأخذت تميد وتضطرب، فخلق الله الجبال البركانية التي كانت تخرج من تحت تلك القشرة، فترمي بالصخور خارج سطح الأرض، ثم تعود منجذبةً إلى الأرض وتتراكم بعضها فوق بعض مكونة الجبال، وتضغط بأثقالها المتراكمة على الطبقة اللزجة فتغرس فيها جذراً من مادة الجبل، الذي يكون سبباً لثبات القشرة الأرضية واتزانها. وفي قوله تعالى: ? وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ ? (لقمان:10) إشارة إلى الطريقة التي تكونت بها الجبال البركانية بإلقاء مادتها من باطن الأرض إلى الأعلى ثم عودتها لتستقر على سطح الأرض. ويجلي حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذه الكيفية، فقد روى أنس بن مالك (61) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال (لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ جَعَلَتْ تَمِيدُ، فَخَلَقَ الْجِبَالَ فَعَادَ بِهَا عَلَيْهَا .. الحديث) (قال في الهامش: أخرجه الترمذي في آخر كتاب التفسير من سننه واللفظ له، وقال حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه تحقيق أحمد شاكر وآخرين وأخرجه أحمد في مسنده 3/ 124، وأبو يعلى في مسنده 7/ 682، وعبد بن حميد في مسنده 1/ 365، والبيهقي في شعب الإيمان 3/ 244، والأصبهاني في العظمة 4/ 1353، وفيه سليمان بن أبي سليمان الهاشمي، قال الذهبي في الكاشف: مجهول، وقال ابن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير